من قلم دبّج تلك الحلل، ونقع بمجاج الدّواة المستمدّة من عين الحياة الغلل، فلقد تخارق في الجود، مقتديا بالخلافة التي خلّد فخرها في الوجود، فجاد بسرّ البيان ولبابه، وسمح في سبيل الكرم حتّى بماء شبابه، وجمح لفرط بشاشته وفهامته، بعد شهادة السيف بشهامته، فمشى من التّرحيب في الطّرس الرّحيب على أمّ هامته.
وأكرم به من حكيم أفصح بملغوز الإكسير، في اللفظ اليسير، وشرح بلسان الخبير، سرّ صناعة التدبير، كأنما خدم الملكة الساحرة بتلك البلاد، قبل اشتجار «١» الجلاد، فآثرته بالطارف من سحرها والتّلاد، أو عثر بالمعلّقة، وتيك القديمة المطلّقة بدفينة دار، أو كنز تحت جدار، أو ظفر لباني الحنايا، قبل أن تقطع به عن أمانيّه المنايا، ببديعة، أو خلف جرجير الروم، قبل منازلة القدوم «٢» ، على وديعة، أو أسهمه ابن أبي سرح، في نشب للفتح وسرح، أو حتم «٣» له روح بن حاتم ببلوغ المطلب، أو غلب الحظوظ بخدمة آل الأغلب، أو خصّه زيادة الله بمزيد، أو شارك الشّيعة في أمر ابن أبي يزيد؛ أو سار على منهاج، في مناصحة بني صنهاج، وفضح بتخليد أمداحهم كلّ هاج.
وأعجب به! وقد عزّز منه مثنّى البيان بثالث، فجلب سحر الأسماع، واسترقاق الطباع بين مثاني الإبداع ومثالث. كيف اقتدر على هذا المجيد، وناصح مع التثليث مقام التوحيد. نستغفر الله وليّ العون، على الصّمت والصّون، فالقلم هو الموحّد قبل الكون، والمتّصف من صفات السادة، أولي العبادة، بضمور الجسم وصفرة اللون، إنما هي كرامة فاروقيّة، وأثارة من حديث سارية وبقيّة، سفر وجهها في الأعقاب، بعد طول الانتقاب، وتداول الأحقاب، ولسان مناب، عن كريم جناب، وإصابة السّهم لسواه محسوبة،