للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمسك المحاسن وأطلق الغرّة، وسئل من أنت في قوّاد الكتائب، وأولي الأخبار العجائب، فقال أنا المهلّب بن أبي صفرة؛ نرجس هذه الألوان، في رياض الأكوان، تحيا به وجوه الحرب العوان، أغار بنخوة الصائل، على معصفرات الأصائل فارتداها، وعمد إلى خيوط شعاع الشمس، عند جانحة الأمس، فألحم منها حلّته وأسداها، واستعدت عليه ملك المحاسن فما أعداها، فهو أصيل تمسّك بذيل الليل عرفه وذيله، وكوكب يطلعه من القتام ليله، فيحسده فرقد الأفق وسهيله- وأشهب تغشّى من لونه مضاضه، وتسربل منه لأمة «١» فضفاضة، قد احتفل زينه، لما رقم بالنّبال لجينه، فهو الأشمط، الذي حقّه لا يغمط، والذّراع المسارع، والأعزل الدّارع، وراقي الهضاب الفارع، ومكتوب الكتيبة البارع، وأكرم به من مرتاض سالك، ومجتهد على غايات السابقين الأوّلين متهالك، وأشهب يروي من الخليفة، ذي الشّيم المنيفة، عن مالك- وحباريّ كلّما سابق وبارى استعار جناح الحبارى «٢» ، فإذا أعملت هذه الحسبة، قيل من هنا جاءت النّسبة، طرد النّمر، لما عظم أمره وأمر، فنسخ وجوده بعدمه، وابتزّه الفروة ثم لطّخه بدمه، وكأن مضاعف الورد نثر عليه من طبقه، أو الفلك، لما ذهب الحلك، مزج فيه بياض صبحه بحمرة شفقه- وقرطاسيّ حقّه لا يجهل، حتّى ما ترقى العين فيه تشهل، إن نزع عنه جلّه، فهو نجم كلّه، انفرد بمادّة الألوان، قبل أن تشوبها يد الأكوان، وتمزجها أقلام الملوان «٣» ، يتقدّم منه الكتيبة المقبلة لواء ناصع، أو أبيض مماصع «٤» ، لبس وقار المشيب، في ريعان العمر القشيب، وأنصتت الآذان من صهيله المطيل المطيب، لما ارتدى بالبياض إلى نغمة الخطيب، وإن تعتّب منه للتأخير المتعتّب، قلنا الواو لا

<<  <  ج: ص:  >  >>