للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما بعد، فإنّك تتراخى عن الحرب حتّى تأتيك رسلي ويرجعون «١» بعذرك، وذلك أنك تمسك حتّى تبرأ الجراح وتنسى القتلى ويجمّ الناس، [ثم تلقاهم فتحتمل منهم مثل ما يحتملون منك من وحشة القتل وألم الجراح] «٢» ولو كنت تلقاهم بذلك الحدّ «٣» لكان الداء قد حسم والقرن قد قصم، ولعمري ما أنت والقوم سواء؛ لأنّ من ورائك رجالا وأمامك أموالا، وليس للقوم إلا ما معهم، ولا يدرك الوجيف بالدّبيب، ولا الظّفر بالتعذير.

وكما كتب المهلّب إلى الحجّاج مجيبا له عن ذلك.

أما بعد، فإنّي لم أعط رسلك على قول الحقّ أجرا، ولم أحتج فيهم «٤» مع المشاهدة إلى تلقين. فذكرت «٥» أني أجمّ القوم، ولا بدّ من راحة يستريح فيها الغالب ويحتال المغلوب «٦» . وذكرت أن في الجمام تنسى «٧» القتلى وتبرأ الجراح، وهيهات أن ينسى ما بيننا وبينهم. يأبى ذلك قتل من لم يجن، وقروح لم تعرق «٨» ، ونحن والقوم على حالة، وهم يرقبون منّا حالات، إن طمعوا حاربوا، وإن ملّوا وقفوا [وإن يئسوا انصرفوا، وعلينا أن نقاتلهم إذا قاتلوا ونتحرّز إذا وقفوا] «٩» ، ونطلب إذا هربوا، فإن تركتني فالدّاء بإذن الله محسوم «١٠» ، وإن أعجلتني لم أطعك ولم أعص وجعلت وجهي إلى بابك، وأنا أعوذ بالله من سخطه «١١» ومقت الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>