الغيلة، وفاتني الاختبار، وغلبني المقدار، فجرى ما كانت عاقبته خذلان الله إيّاهما، وإنزاله بأسه ونقمته عليهما، وخلاصي بسلامة الصّدر، واتضاح الغدر، من حبائلهما المنصوبة، وأشراكهما المبثوثة. ولما حصلت في كنف الملك السيد صمصام الدولة أقالني العثرة، وقبل منّي المعذرة، وأحلّني من داره وحماه بحيث لم أعدم عادة، ولا انقطعت عنّي مادّة، وكانت الحال توجب مقامي فيها إلى أن تتعفّى آثار الفتنة التي أثارها ذانكما الخبيثان الجانيان.
ثم ورد فلان في الرسالة، وتمّم الله على يده عقد الصلح والمسالمة، فأخرجت عن الاحتجاب إلى الظّهور، وعن الاحتجار إلى البروز، وأنزلت من الدار المعمورة في جانب يصل إليّ منه سيب «١» وصوله على العموم دون الخصوص، وعاملني الملك السيد صمصام الدولة بما يليق بفضله متّبعا في ذلك مقاطعة السيف بينه وبيني، وطاعة مولانا الملك السيد الأجل شرف الدولة في أمري، وجدّد عندي من الإنعام والتوسعة والإيثار والتكرمة آخرا ما شفع تلك الشّفقة أوّلا، ولقيني فلان دفعات، وشافهني مرّات، وتحمّل عني إلى مولانا الملك موالاتي الشكر كثيرا، واعتدادا طويلا عريضا، ودعاء، الله يسمع مرفوعه، ويجيب مسموعه، بمنّه وقدرته، وحوله وقوّته.
والآن فإذ قد جمع الله الكلمة، ووكّد الألفة وحرس النّعمة، وحصّن الدولة وأخرج عنها من كان يشبّ الفتنة، ويسدي وينير في الفرقة، فإنّي واثق بالله جل وعزّ وبما تترقّى الحال إليه في غاية محبوبي، ونهاية مطلوبي، وأقاصي ما تبلغه أمنيّتي، وتسمو إليه همّتي، وتقتضيه أخوّتي وعصمتي، ولله المشيئة، ومنه المعونة، فإن رأى مولانا الملك السيد أن يسكن إلى سكوني، ويطمئن إلى طمأنينتي، ويجري إليّ غاية فضله وطوله في الأمر الذي أحسن فيه وأجمل، ليشملنا إنعامه، ويتظاهر علينا امتنانه، وأستوفي بقيّة حظّي من ثمرة ذلك