«١» وإنا كنّا نقرّبك إلينا، وننسبك إلى بيوتنا؛ طمعا في إنابتك، وتأميلا لفيئتك «٢» ؛ فلمّا طال في الغيّ انهماكك، وفي غمرة الجهل ارتباكك؛ ولم نر الموعظة تلين كبدك، ولا التذكير يقيم أودك «٣» ، لم تكن لهذه النّسبة أهلا، ولا لإضافتك إلينا موضعا ومحلّا؛ بل لا نكنى بأبي العبّاس إلا تكرّها وطمعا بأن يهب الله منك خلفا نقلده اسمك ونكنى به دونك، ونعدّك كنت نسيا منسيّا، ولم تك شيئا مقضيّا؛ فانظر ولا نظر بك إلى عار نسبته تقلّدت، وسخط من قبلنا تعرّضت، واعلم أن البلاء بإذن الله قد أظلّك، والمكروه إن شاء الله قد أحاط بك؛ والعساكر بحمد الله قد أتتك كالسّيل في الليل، تؤذنك بحرب وبويل؛ فإنّا نقسم، ونرجو أن لا نجور ونظلم، أن لا نثني عنك عنانا، ولا نؤثر على شانك شانا؛ ولا تتوقّل «٤» ذروة جبل، ولا تلج بطن واد؛ إلا جعلناك «٥» بحول الله وقوته فيهما، وطلبناك حيث أمّمت منهما؛ منفقين فيك كلّ مال خطير، ومستصغرين بسببك كلّ خطب جليل، حتّى تستمرّ من طعم العيش ما استحليت، وتستدفع من البلايا ما استدعيت؛ حين لا دافع بحول الله عنك، ولا مزحزح لنا عن ساحتك؛ وتعرف من قدر الرّخاء ما جهلت، وتودّ أنك هبلت ولم تكن بالمعصية عجلت، ولا رأي من أضلّك من غواتك قبلت؛ فحينئذ يتفرّى «٦» لك الليل عن صبحه، ويسفر لك الحقّ عن محضه؛ فتنظر بعينين لا غشاوة عليهما، وتسمع بأذنين لا وقر «٧» فيهما؛ وتعلم أنك كنت متمسّكا بحبائل غرور، متماديا في مقابح أمور: من عقوق لا ينام طالبه،