اطّلاعا على خبث سرّه، وسوء مكره، وما يضمر للمسلمين من إذايته وضرّه؛ فمتى انصرفت وجوه المسلمين إلى جهادهم واشتغلوا بتأمين بلادهم، انتهز الفرصة في فساد يحدثه، وعقد ينكثه، واستعجال ما يعجّل عليه ولا يلبّثه؛ ونحن نعرض عنه إعراض من يرجو متابه، ويرتقب رجوعه إلى الحق وإيابه؛ وهو متخبّط في أهوائه، مستمرّ على غلوائه، مصرّ على إضراره واعتدائه، لا يكفّ عنه من استطالته، ولا يريه الاستبصار وجهة جهالته، فوجب علينا بحكم النظر للبلاد التي لحقها عدوانه، وأضرّ بها مكانه، وتكرّر عليها امتحانه، أن نعاجل حسم علله، ونسدّ مواقع خلله، ونرد عليه كلّ مضرّة لاحقة من قبله، حتّى يستريح الناس إلى أمن مبسوط، وكنف «١» مضبوط، وحوز «٢» بالكفاية والوقاية محوط؛ وقد كنّا عند الفراغ من مصالح البلاد الغريبة، وانتهاء الفتح فيها إلى ما لم يدر بالخاطر ولم يحسب بالنّية، نظرنا في إعداد جموع من أجناد الغرب، وتخيّرنا منهم كلّ من درب بالطّعن والضّرب؛ وسعد لكم «٣» من جماهير الأغراب «٤» وجزولة «٥» وسائر القبائل النازلين بالبلاد، المتأهّبين لما يطلبون به من الغزو والجهاد؛ ورسمنا لهم أن يلحقوا بنا عند الاستدعاء، على ما جدّدنا لهم في الانتخاب والانتقاء، لتأخذ الجموع كلّها من محو أثر هذا الخائن بنصيب، وتضرب فيه، وفي كلّ عمل يعفّيه، بسهم مصيب؛ لكن لما تعجّل حركته التي تعجّل بها الحين «٦» ، وساقه إليها القدر الذي أعمى البصيرة والعين؛ رأينا أن ننفذ