وقد وقفنا على كتابكم معلما بخبر فلانة وما رأيتموه من المصلحة في تحصينها، والاجتهاد في أسباب تأمينها؛ ونحن نعلم أنكم تريدون الإصلاح، وتتوخّون ما تتوسّمون فيه النّجاح؛ لكن أهمّ الأمور عندنا، وأولى ما يوافق غرضنا وقصدنا، الرفق بالرعيّة، وحملها على قوانين الإحسان المرعيّة- وعلى أثر وصول كتابكم وصلنا كتاب [أهل] فلانة «١» المذكورة يشكون ضرر الخدمة المتصرّفين فيهم، ويتظلّمون من متحيّفيهم «٢» ومتعسّفيهم؛ وفي هذا ما لا يخفى عليكم، ولا ترضون به لو انتهى إليكم؛ فإنه إذا كان الناظر في خدمة ممن لا يحسن سياسة الأمور، ولا يعلم طريقة الرّفق الجارية بوفق الخاصة والجمهور، أعاد التسكين تنفيرا، والتيسير تعسيرا، وتعلمون أنا لا نقدّم على إيثار العدل في عباد الله المسلمين عملا، ولا نبغي لهم باطنة بغير التخفيف عنهم والإحسان إليهم بدلا؛ وأنتم أولى من يعتقد فيه أنه يكمّل هذا المقصد، ويتحرّى في مصالح الرّعايا هذا السّنن الأرشد؛ وقد خاطبنا أهل فلانة بما يذهب وجلهم، ويبسط أملهم، وعرّفناهم بأنكم لو علمتم من جار عليهم من الخدمة لأخذتم على يده وجازيتموه بسوء معتقده، وأشعرناهم بأنّا قد استوصيناكم بهم خيرا، ونبّهناكم على ما يدفع عنه ضيما ويرفع ضيرا؛ وأنتم- إن شاء الله- تستأنفون نظرا جميلا، وتؤخّرون عنهم الخدمة الذين لا يسلكون من السياسة سبيلا، وتقدّمون عليهم من تحسن فيهم سيرته، وتكرم في تمشيته الرّفق علانيته وسريرته، ومثلكم لا يؤكّد عليه في مذهب تحسن عواقبه، وغرض يوافقه القصد الاحتياطيّ ويصاحبه، إن شاء الله تعالى والسلام.