الله لأيامكم لا نهاية لحدّه، فإنكم صرفتم وجه عنايتكم إلى هذا القطر على نأي المحلّ وبعده، ولم تشغلكم الشواغل عن إصلاح شأنه وإجزال رفده.
وأما البلد المحصور، فظهر فيه من عزمكم الأمضى ما صدّق الآزال والظّنون، وشرح الصّدور بمقامكم وأقرّ العيون: من صلة الإمداد على الخطر، وتردّد السابلة «١» البحرية على بعد الوطن وتعذّر الوطر، واختلاف الشّواني «٢» التي تسري إليه سرى الطّيف، وتخلص سهامها إلى غرضه بعد أنّى وكيف، حتّى لم تعدم فيه مرفقة يسوء فقدانها، ولا عدّة يهمّ شأنها؛ فجزاؤكم عند الله موفور القسم، وسعيكم لديه مشكور الذّمم؛ كافأ الله أعمالكم العالية الهمم، وخلالكم الزاكية الشّيم؛ فقد سعد الإسلام- والحمد لله- بملككم الميمون الطائر، وسرت أنباء عنايتكم بهذه البلاد كالمثل السائر؛ وما هو إلا أن يستتبّ اضطراب الكفّار واختلافهم، ويتنازع الأمر أصنافهم، فتغتنمون إن شاء الله فيهم الغرّة «٣» التي ترتقبها العزائم الشريفة، والهمم المنيفة؛ وتجمع شيمكم الغليا، بين فخر الآخرة والدّنيا، وتحصل على الكمال الذي لا شرط فيه ولا ثنيا»
؛ فاهنأوا بهذه النّعمة التي خبأها الله إلى أيّامكم، والتّحفة التي بعثها السعد إلى مقامكم، فإنما هي بتوفيق الله ثمرة إمدادكم، وعقبى جهادكم؛ أوزعنا الله وإيّاكم شكرها وألهمنا ذكرها.
عرّفناكم بما اتّصل لدينا، وورد من البشائر علينا؛ عملا بما يجب لمقامكم من الإعلام بالمتزيّدات، والأحوال الواردات، ووجّهنا إليكم بكتابنا هذا من ينوب عنّا في هذا الهناء، ويقرّر ما عندنا من الولاء، وما يتزيّد لدينا بالأنباء، خالصة إنعامنا المتميّز بالوسيلة المرعيّة إلى مقامنا، الحظيّ لدينا، المقرّب إلينا، القائد