والرضا عن آله الذين كانوا في سماء ملّته لهداية أمته كالشّهب الثّواقب، فإنا كتبناه إليكم- كتب الله لكم توالي المواهب، ووضوح المذاهب، ووقوف الدهر لديكم موقف الثائب من القدح النائب، ووالى لديكم مفاتحة الكتب المهنّئة بفتوح الكتائب- من حمراء غرناطة- حرسها الله- وفضل الله بتعرّف صنعه لكم هامي السّحائب، وكفيل بنيل الرغائب؛ والسرور بما سناه الله لكم من استقامة أحوالكم شأن الشاهد والغائب، والرائح والآئب.
والحمد لله على ما توالى من الألطاف والعجائب. وقد وصل كتابكم الذي أكّد السّرور وأصّله، وأجمل مقتضى البشرى وفصّله، ونظّم خبر الفتح ووصّله، وراش سهم السّعادة والسّداد والعناية والإمداد، ونصّله «١» ، وأحرز حظّ السعادة وحصّله، تعرفون ما أتاح لكم اللطيف الخبير، والوليّ النصير، من الصّنع الذي اتّسق نظامه، والنصر الذي سنّت في أمّ الكتاب أحكامه، والعز الذي خفقت أعلامه، والتوفيق الذي قرطست الغرض «٢» سهامه، وأنكم من بعد الكائنة التي راش «٣» لطف الله بها وجبر، وأحسن الخير وأدال الخبر، وجعل العاقبة الحسنى لمن صبر، جهزتم الجيوش المختارة، والعساكر الجرّارة، يقودها الخلصان من الوزراء، وتتقدّم رايتها ميامن الآراء، فكتب الله ثبات أقدامها، وتولّى نصر أعلامها؛ ولم يكن إلا أن حمي وطيس النّزال، ورجفت الأرض لهول الزّلزال، وتعوطيت كؤوس الآجال، في ضنك المجال؛ ودجا القتام «٤» ، وتوهّم مع فضل الله الاغتنام، وعبس الوجه العبّاس وضحك النّصل البسّام، وأورد الخيل موارد الطّعان الإقدام، فكان لحزبكم الظهور الذي حكّم المهنّدة في الرّقاب، والسّمر الطّوال في الثّغر ثم في الأعقاب، وبشّرت برؤية هلال الفتح عيون الارتقاب، وحطّ عن