للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم الجدّ في ردّهم، والتجريد في صدّهم، وأنه لا مطمع لهم في جنبة «١» إلى طاعة أمير المؤمنين انتسابها، وبذمام سادتنا الأمراء اعتصامها، اتّعظوا واتّزعوا، وعرّجوا ورجعوا سالكين أقصد مسالكهم، منتهجين أرشد مناهجهم، معتمدين أعود الأمور على المسلمين عموما وعليهم خصوصا باجتماع الشّمل، واتّصال الحبل، وأمن السّرب، وعذوبة الشّرب، وسكون الدّهماء، وشمول النّعماء؛ فخطبوا الصّلح والوصلة، وجنحوا إلى طلب السّلم والألفة؛ وأن مولانا [الأمير عضد الدولة] «٢» آثر الأحسن واختار الأجمل: فأجاب إلى المرغوب فيه إليه، وتوسّط ما بين الأمير السيد ركن الدولة وبين تلك الجنبة فيه، وتكفّل بتقريره وتمهيده، وتحقّق بتوطيده وتشييده، وأخرج أبا الحسن عابد بن عليّ إلى خراسان حتّى أحكم ذلك وأبرمه، وأمضاه وتمّمه، بمجمع من الشيوخ والصّلحاء، ومشهد من القضاة والفقهاء؛ وأنّ صاحب خراسان عاد على يد مولانا [الأمير عضد الدولة] «٣» إلى طاعة مولانا أمير المؤمنين ومشايعته، والإمساك بعلائق ولائه وعصمته؛ وصار وليّا بعد العداوة، وصديقا بعد الوحشة، ومصافيا بعد العناد، ومخالطا بعد الانفراد، وفهمته. وتأمّلت- أيد الله مولانا- ما في ذلك من ضروب النعم المتشعّبة، وصنوف المنح المتفرّعة، العائدة على الملك بالجمال، وعلى الرعيّة بصلاح الحال؛ الداعية إلى الائتلاف والاتفاق، المزيلة للخلاف والشّقاق؛ فوجدت النفع بها عظيما، والحظّ فيها جسيما، وحمدت الله حقّ حمده عليها، وشكرته أن أجراها على يد أولى الناس بها، وأحقّهم بالمكارم أجمعها، وأن قرّب الله بيمنه [ما كان بعيدا معضلا، ويسّر ببركته] «٤» ما كان ممتنعا مشكلا؟ فأصلح ذات البين بعد فسادها، وأخمد نيران الفتن بعد تلهّبها واتّقادها، ووافق ما بين نيّات القلوب، وطابق بين نخائل «٥» الصدور، وتحنّت الضلوع بنجح سعيه على

<<  <  ج: ص:  >  >>