للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرّيب؛ فإن اختياره لهذا الأمر طبّق مفصل الصواب، ولشاكلة «١» رمي الرأي أصاب؛ إذ هو الفذّ في علمه وفضله، السديد في قوله وفعله، البارع في إيجاز الخطاب وفصله، المعرق في الزّهادة والدّيانة المزيّنين لفرعه وأصله.

ولما وصل إلى الأبواب العزيزة الإماميّة- ضاعف الله تعالى مجدها- مثل بالخدمة مؤدّيا من فرضها ما يلزم أمثاله من ذوي العقائد الصحيحة، والموالاة المحضة الصريحة؛ وصادف من التّكرمة والإنعام ما يوجبه له محلّه من العلم الذي لا تكدّر الدّلاء بحره، ولا تدرك الأرشية «٢» بطولها قعره؛ فهو فيه نسيج وحده، وناسج برده، وناشر علمه، ومستغزر ديمه. وألقى من ذلك ما يقتضيه اختبار أحواله الشاهدة بأنه ممن أصحب في يده قياد الفصاحة الأبيّ، وملّكته زمامها الممتنع على من عداه العصيّ، وجمع له من الفضائل ما أصبح في سواه متفرّقا، وخير له منها ما جعل جفن حاسده لفرط الكمد مؤرّقا، إلى ما زان هذه الخصائص التي تفرّد فيها وبرع، وطال مناكب الأقران وفرع: من الإخلاص الدالّ على تمسّكه بحبل الدّين المتين، واستمراره على جدده الواضح المبين، وفصل عن الأبواب العزيزة فائزا من شرف الإرعاء، ما وفّر الحظوظ والأنصباء؛ حاصلا من حميد الآراء، على أنفس العطاء وأجزل الحباء؛ وقد تمهّد له من الوجاهة والمكانة ما يفخر بمكانه، وتنقطع دون بلوغ شأوه أنفاس أقرانه؛ ورسم- أعلى الله المراسيم الإمامية وأمضاها- مطالعة المجلس العالي السلطانيّ أعلاه الله بهذه الحال، تقريرا لها عند العلم الكريم واستمدادا للطّول والإنعام، باختصاص قطب الدّين بالاحترام؛ الذي هو حقيق بمثله، وخليق أن لا يضحى عن وارف ظله، وما يوعز به من ذلك يصادف من دواعي الاستحقاق أوفاها، ويرد من مناهل الذكر الجميل أعذبها وأصفاها، ويتلقّى من شرف المحامد بألطفها وأحفاها، وللرأي العالي علوّ رأي، إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>