لثمه واستلامه، وألفى به ريّا ناقعا لغليل الشوق المبرّح إلى اجتلاء غرّته الكريمة وأوامه «١» ؛ وجعل يتتبع سطوره، ويستقري فقره وشذوره، فلا يقف من ذلكم كلّه إلا على ما يملأ حوباءه «٢» جذلا، ويخوّله الابتهاج غنما ونفلا «٣» ؛ ويبوّئه أسنى مراتب التشريف قننا وقللا «٤» ؛ وهو على ما حكمت به الأقضية من شحطه عن المثابة الواثقيّة شرّفها الله وشسوعه، وإيواء مغاني أنسه لذلكم ورجوعه؛ لا يجد أنسا إلا ما يتوالى قبله من متعهّد اهتمامها، وتهديه إليه ألسنة أقلامها؛ فكلما وفد عليه من صحائفها المكرّمة وافد، وورد من حضرتها المعظّمة وارد؛ فقد جدّد الزمان عنده يدا غرّا، وأطلع عليه بدرا، وأفاده من الابتهاج ما يعمر الخلد، وينشر نسيم الاستبشار إذا سكن وركد؛ وما ينفكّ على نأي المكان، وبعد الأوطان، يحافظ على رسمه من خدمها، ويؤدّي وظائف الشكر بجسيم منحها وعميم نعمها، ويجعل على نفسه المتملّكة رقيبا من أن يخلّ في سرّ أو جهر بعهد من عهودها أو ذمّة من ذممها؛ ومهما تجدّد صنع يتعين إهداؤه، ويجب قضاء الحق بالدلالة عليه وأداؤه؛ لم يصحبه في المطالعة به توان، ولم يعبر في جلائه أوانا إلى أوان. وقد كان قدّم مطالعاته قبل إلى الباب الواثقيّ شرفه الله باسطا لتفاصيل الأحوال، وشارحا لها على الاستيفاء والكمال؛ ولم يتجدّد بعد ذلك إلا تمكّن الرجاء في فتح لبلة «٥» يسّر الله مرامها عن دنوّ بحول الله وقرب، وأنطق لسان الحال بتيسير كلّ عصيّ من محاولاتها وصعب. ولو أنّ مكانا عضّه الدهر من أنياب حوادثه