المراح بميدان نعمكم بعد اقتحام هذه العقبة؛ لما شنفت الآذان البشرى التي لم يبق طائر إلا سجع بها وصدح، ولا شهاب دجنّة إلا اقتبس من نورها واقتدح، ولا صدر إلا انشرح، ولا غصن عطف إلا مرح؛ بشرى الفتح القريب، وخبر النّصر الصحيح الحسن الغريب، ونبأ الصّنع العجيب، وهداية السميع المجيب: فتح تلمسان «١» الذي قلّد المنابر عقود الابتهاج، ووهب الإسلام منيحة النصر غنيّة عن الهياج، وألحف الخلق ظلّا ممدودا، وفتح باب الحجّ وكان مسدودا، وأقرّ عيون أولياء الله الذين يذكرون الله قياما وقعودا، وأضرع بسيف الحقّ جباها أبيّة وخدودا، وملّككم حقّ أبيكم الذي أهان عليه الأموال، وخاض من دونه الأهوال، وأخلص في الضّراعة والسّؤال، من غير كدّ يغمز عطف المسرّة، ولا جهد يكدّر صفو النعم الثّرّة، ولا حصر ينفض به المنجنيق ذؤابته، ويظهر بتكرّر الركوع إنابته.
فالحمد لله الذي أقال العثار، ونظم بدعوتكم الانتشار، وجعل ملككم يجدّد الآثار ويأخذ الثار «٢» والعبد يهنيء مولاه، بما أنعم الله عليه وأولاه؛ وما أجدره بالشّكر وأولاه! فإذا أجال العبيد السّرور فللعبد المعلّى والرّقيب «٣» ، وإذا استهموا «٤» حظوظ الجذل فلي القسم الوافرة والنصيب؛ وإذا اقتسموا فريضة شكر