للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت كتب أخينا وعدّتنا أبي حرب [زياد بن شهراكويه] «١» مولى أمير المؤمنين ترد علينا، وتصل إلينا، مشتملة على كتبك إليه، ومطالعاتك إيّاه؛ فنعرف من ذلك حسن أثرك وحزم رأيك، وسداد قولك، وصواب اعتمادك، ووقوع مضاربك في مفاصلها، وإصابة مراميك أغراضها؛ وما عدوت في مذاهبك كلّها، ومتقلّباتك بأسرها، المطابقة لإيثارنا، والموافقة لما أمرت به عنّا؛ ولا خلت كتب أخينا وعدّتنا أبي حرب من شكر لسعيك، وإحماد لأثرك، وثناء جميل عليك، وتلويح وإفصاح بالمناصحة الحقيقة بك، والموالاة اللازمة لك، والوفاء الذي لا يستغرب من مثلك، ولا يستكثر ممن حلّ في المعرفة محلّك؛ ولئن كنت قصدت في كل نهج استمررت عليه، ومعدل عدلت إليه، مكافحة هذا الرجل ومراغمته، ومصابرته ومنازلته، والتماس الظهور عليه في جميع ما تراجعتماه من قول، وتنازعتماه من حدّ، فقد اجتمع لك إلى إحمادنا إيّاك، وارتضائنا ما كان منك، المنّة عليه إذ سكّنت جاشه، وأزلت استيحاشه؛ واستللته من دنس [لباس] المخالفة، وكسوته من حسن شعار الطاعة، وأطلت يده بالولاية، وبسطت لسانه بالحجّة، وأوفيت به على مراتب نظرائه، ومنازل قرنائه؛ حتّى هابوه هيبة الولاة، وارتفع بينهم عن مطارح العصاة.

فالحمد لله على أن جعلك عندنا محمودا وعند أخينا وعدّتنا أبي حرب مشكورا، وعلى هذا الرجل مانّا، وفي إصلاح ما أصلحت من الأمر مثابا مأجورا؛ وإيّاه نسأل أن يجري علينا عادته الجارية في إظهار راياتنا، ونصرة أوليائنا، والحكم لنا على أعدائنا، وإنزالهم على إرادتنا، طوعا أو كرها، وسلما أو حربا؛ فلا يخلو أحد منهم أن تحيط لنا بعنقه ربقة أسر، أو منّة عفو؛ إنه جلّ ثناؤه بذلك جدير، وعليه قدير. ويجب أن تنفذ إلى حضرتنا الوثيقة المكتتبة على باد الكرديّ إن كنت لم تنفذها إلى أوان وصول هذا الكتاب: لتكون في خزائننا محفوظة، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>