وورائهم؛ فابتهجنا بذلك الابتهاج الذي يوجبه التوحيد، وانتهى بنا السّرور إلى الحدّ الذي ما عليه مزيد. على أننا كنا نودّ أن يكون ذلك بصفاحنا وأسنّتنا، وأن يثبته الله لنا في صحيفتنا؛ وإنا لراجون من نعم الله عندنا، وإحسانه إلينا كما عوّدنا، أن يكون من بقي من المذكورين بنا مستأصلا، ويكون أجر هذه الخاتمة لنا حاصلا. وقد عزم الله لنا عند وقوفنا على كتابه، بما خرج به أمرنا إلى جميع من بأعمال الدولة الحافظيّة خلّد الله ملكها، بعيدها ودانيها، وقصيّها ونائيها، من العساكر المظفّرة المؤيّدة، وقبائل العربان المستخلصة، وكافّة الطوائف على اختلاف أنواعها، وتباين أجناسها، وتفاوت منازلها، وتغاير مراتبها، بأن ينفروا خفافا وثقالا، وركبانا ورجالا، بقوّتهم ونجدتهم، ووفور عددهم وعدّتهم، وكثرة آلاتهم وأسلحتهم، وبالعزمات الماضية، والضمائر الخالصة، والنّيّات المستبقة، والعقائد المتّفقة، وفسّحنا للمتطوّعة أن يختلطوا بالمرتزقة، وأمرناهم بمسيرهم متتابعين، وتوجّههم مترادفين؛ وأن يكونوا كتائب متناصرة، وجحافل متواترة؛ وعساكر متوالية، لا ترى الأرض منها إلى العدوّ خالية؛ ومن الله نطلب مادّة العون والإسعاد، ونسأله توفيقا لما يقض بتضاعف أجرنا في العاجلة والمعاد. وقد شكرنا الأمير الاسفهسلار كون ما أنهاه سببا لهذه الغنيمة المتوقّعة من فضل الله وإحسانه، والنّصرة لدينه التي نؤملها من جزيل كرمه وامتنانه، وأضفنا ما اقتضته مطالعته من جذلنا وغبطتنا، إلى المستقرّ عندنا من محبته لنا، وإيثاره الذي لا يحتاج فيه إلى زيادة على معرفتنا؛ فليعلم هذا وليعمل به. إن شاء الله تعالى.
وكما كتب القاضي الفاضل عن السلطان «صلاح الدين يوسف بن أيوب» إلى صاحب مكة المشرّفة، جوابا عن كتاب ورد منه عليه في معنى وصول غلال بعث بها إلى مكة ما صورته:
وصل كتابك، أيّها الشريف معربا عن المشايعة الشائعة أنباؤها، والمخالصة الخالصة أسرارها الوافرة أنصباؤها، وحسان الخلال، التي اقتسم طرفي الحمد إعادتها وإبداؤها، ومكرمات الآل، التي تساوى في اقتناء المجد أبناؤها؛ وفضائل الإفضال، التي لا تخفّ على غير أهل العباء صلوات الله عليهم