الدولة المنصورة. والحمد لله رب العالمين وحده لا شريك له، وصلّى الله على محمد وآله وسلّم تسليما.
ووصل كتاب مولانا ملك الروم الفاضل الجليل الصادر عن العسكر بمرج لارضة بتاريخ التاسع من حزيران، وفهمته وجلّ عندي موقعه، وعظم في نفسي خطره؛ وحمدت الله على ما شهد به من انتظام أحواله، واطّراد أموره؛ وسألته أن يتمّم النعمة عليه، ويزيد فيها لديه، ويواصل إحسانه إليه، ويطيل مدّته، في أتمّ رشد وهداية، وأرفع قدم ومنزلة، وأعلى خطر ورتبة، بمنّه وطوله، وجوده ومجده.
فأما ما ذكره سيدنا الملك الجليل: من مقامه على العهد، وافتقاره إلى الميل والودّ، فذاك يوجب فضله البارع، وكرمه الشائع، وخلال الخير التي أهلّه الله لها، وخصّه الله بها، وبالله أحلف إنّني ما خلوت منذ افترقنا من مطالعة أخباره، وتتبّع آثاره، واستعلام مجاري شؤونه، والسرور بكل ما تمّ له ووصل إليه؛ حتّى كأنني حاضر له، وضارب بأوفر سهم فيه، بل مخصوص بجميعه. والله يجريه على أحسن ما أولاه وعوّده، ولا يخليه من الصّنع الجميل فيما أعطاه وقلّده، برحمته.
وكنت قبل ذلك عند ورود رسولي في الدّفعة الأولى على غاية الغمّ وشغل القلب بسبب الغدر الذي لحقه من عدوّه الذي أظفره الله به؛ وأنهيت ذلك في وقته إلى الملك السعيد الماضي، شرف الدولة «١» ، وزين الملة؛ رضي الله عنه.
فاشتغل قلبه- رحمه الله- به، وعمل على إنفاذ العساكر لنصرته؛ ثم أتى من قضاء الله في أمره ما قد عرفه.
ولما انتصب في المملكة مولانا السيد بهاء الدولة «٢» ، وضياء الملة- أطال