سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الامام الحاكم؛ وأجلّوه عن رفعه على العين إذ كانت تلك بمنزلة الحاجب، وقدّموا إليه خفوق قلوبهم الطائرة وما علموا إن كانوا قاموا بالواجب؛ ووقفوا على أحكام حاكمه فما شكّوا أنّ زمان هذا الفنّ بحياة ناصره في بغداد قد عاد، وأنّ مثاله المتمثّل في سواد الحدق مما حكته أيامه العبّاسيّة من شعار السّواد؛ وعلموا ما رسم به في معني محمد بن الحمصيّ الذي ما نوّرت الليلة أكاريخه، ولا بعدت في الإقعاد له تواريخه؛ بل أخمدت دموع ندمه نيرانه المشتعلة، وأصبح به لا يحمل القوس في يده إلا أنه مشغلة؛ وما كان أنهاه الدّيوان العزيز مما لم تذكر الخواطر الشريفة بأنه قبة المفترى، وأنه صاحب القوس إلا أن ماله سعادة المشتري؛ وأنه موّه تمويه الجاحد، وتلوّن مثل قوس قزح وإلا فقوس البندق لون واحد؛ وأدلى بغروره، وعرض المحضر الذي حمله على تغريره؛ وذلك في غيبة الأمير بهاء الدين أرسلان البندقدار الحاكمي، الذي لو كان حاضرا لكان حجّة عليه، ومؤكّدا لإبطال رميه وقوسه وبندقه في يديه؛ لما تضمّنه الخطّ الشريف المقيّد اللفظ المكتتب على المصطلح، الساحب ذيل فخاره على المقترح، الذي هدى إلى الخير، وبدا به ما وهب من الملك السليمانيّ الذي أوتي من كلّ شيء وعلّم منطق الطير «١» ؛ فإنّه لم يكتب له إلا بأن يرمي على الوجه المرضيّ واستيفاء شروط البندق، والخروج من جميع الأشكال عملا بقواعده؛ ويعلم بأنه ما رعى حقّ قدمته، ولا فعل في الباب العزيز ما يجب من التحلّي بشعار الصّدق في خدمته؛ وأنه خالف عادة الأدب، وأخطأ في الكلّ لكنه ندب «٢» ؛ وذلك بعد أن عمل له جميع رماة البندق، وسئل فأجاب: بأنه سالم من كل إشكال