غانم، وقد صرع لغلغة، وادّعى بها للملك المؤيد صاحب حماه «الحمد لله الذي ظفّر المظفّر بإصابة الواجب من الطير، ووفّر من السعادة حظّ من أصاب ووافق الصواب فيمن انتمى إذ تشرف به وتميز على الغير، وخفر من أسراه، إلى من يحمد لديه صبح سراه إذ يصبحه من بشره وبرّه كل خير» . أشار في القرينة الأخيرة إلى المثل السائر من قولهم «عند الصّباح يحمد القوم السّرى» وقد تقدّم أنّ أوّل من قال ذلك خالد بن الوليد رضي الله عنه.
ومما استعمله أهل الصناعة من أمثال المحدثين نثرا قول الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه الله في وصف خطيب من جملة توقيع:«ومن إذا قام فريدا عدّ بألف من فرائد الرجال تنظّم، وإذا أقبل في سواد طيلسانه، قيل:
جاء السّواد الأعظم» فاستعمل المثل السائر في قولهم السّواد الأعظم، يريدون الجمّ الغفير، وهو من أمثال المحدثين، وحسن ذلك لمناسبة لبس الخطيب السّواد على ما جرت به العادة، وإن كان خلاف السنة: كما صرح به الشيخ محيي الدين النووي «١» رحمه الله من أصحابنا الشافعية.
ومن ذلك ما ذكرته في المفاخرة بين السيف والقلم، وهو:«وأظهر كل منهما ما كان يخفيه، فكتب وأملى، وباح بما يكنّه صدره، والمؤمن لا يكون حبلى» فاستعملت المثل في قولهم «المؤمن لا يكون حبلى» وهو من أمثال المحدثين إلى غير ذلك مما يجري هذا المجرى. وقد تستعمل أمثال المحدثين في الشعر أيضا فتجلو ويروق موقعها ويستظرف، كما قال القاضي الأرّجاني:
تأمّل منه تحت الصّدغ خالا ... لتعلم كم خبايا في الزّوايا