وأما الإشارة إلى أنّ النّفوس إن «١» كانت تتطلّع في إقامة دليل، تستحكم [به] دواعي الودّ الجميل؛ فلينظر إلى ما ظهر من مآثره، في موارد الأمر ومصادره: من العدل والإحسان، بالقلب واللسان، والتقدّم بإصلاح الأوقات «٢» ، فهذه صفات من يريد لملكه الدوام؛ فلما ملك عدل، ولم يلتفت إلى لؤم من عدا ولا لوم من عذل.
على أنها وإن كانت من الأفعال الحسنة، والمثوبات التي تستنطق بالدعاء الألسنة؛ فهي واجبات تؤدّى، وهو أكبر من أنه يؤخر غيره أو عليه يقتصر، أوله يدّخر؛ إنما يفتخر الملك العظيم بأن يعطي ممالك وأقاليم وحصون، أو يبذل في تشييد ملكه أعزّ مصون.
وأما تحريمه على العساكر والقراغولات «٣» والشحاني «٤» بالأطراف التعرّض إلى أحد بالأذى، و [تحتيم] إصفاء موارد الواردين والصادرين من شوائب القذى؛ فمن حين بلغنا تقدّمه بذلك تقدّمنا أيضا بمثله إلى سائر النّوّاب، بالرّحبة وحلب «٥» وعينتاب؛ وتقدّمنا إلى مقدّم «٦» العساكر بأطراف تلك الممالك، بمثل ذلك؛ وإذا اتحد الإيمان، وانعقدت الأيمان؛ تحتّم إحكام هذه الأحكام، وترتب عليه جميع الأحكام.