جهّز من الملاكمين والطين المختوم ما أمكن الآن، ومنه ما كنّا رسمنا باستعماله من البلكات باسمه الشريف وتأخر؛ فلما فرغ جهّز معه، وبعد هذا نجهّز من يتوجّه إلى حضرته العالية ليجدّد عهدا، ويؤدّي إليه ودّا؛ وما يتأخر إلا ريثما تنجلي السّحب المتوالية، ويمكن التوصّل سالما إلى حضرته العالية.
وأما غير هذا: فهو أنّ الحاج أحمد أحضر إلينا ورقة كريمة، بل درّة يتيمة؛ بخط يد الحضرة الشريفة فأعجبنا بها، ووجدناها في غاية الحسن التي لا يعدّ زهر الرياض لها مشبها؛ وما رأينا مثل ما كتب فيها، كأن السماء قد نظّمت في سطورها النجوم الزّهر من دراريها؛ فأكرم بيد كتبت سطورا اعترف بها الرّمح للقلم! واستمدّ السّحاب من طروسها الكرم! وجرت بجامد ذهب وسائل دم، وتنافست على إثباتها صحائفه وأقلامه ودويّه والجوّ والبروق والدّيم؛ وطلعت منها تباشير النّجاح، وتحاسد عليها مسك الليل وكافور الصّباح «١» ؛ واتفقت على معنى واحد وقد تنوّعت قسما، وأشرقت فتمنّت السماء أن تكون لها صحيفة والبرق قلما؛ فأرخصت قدر ياقوت «٢» في التقليب، وحسّنت بمحاسنها هجران حبيب «٣» ؛ لقد أوتيت من الخطّ غاية الكمال، وبسطت يد ابن هلال «٤» فيه عن فم ابن هلال؛ فأما الوليّ فإنّه من أوليائها، وأنواؤه مما فاض من إنائها؛ طالما حدّق إليه أبو عليّ «٥» فاختطف برقه أباه مقله، وفطن ابن أسد أنه لو أدركه أبوه لنسي شبله؛ فسبحان من صرّف في يمينه القلم بل الأقاليم، ووهبه من أفضل كلّ شيء ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*