المسك في نعمه، متسرّع إليه تسرّع مواهبه إلى وفود حرمه. وتوضّح للعلم الكريم.
الثالث- ولا زالت العفاة تلتحف بنعمائه، وتنتجع مساقط أنوائه، وتستضيء منه بأشرق شمس طلعت من الملك في سمائه؛ أصدرناها وثناؤها يسابق عجلا، ومدائحها تجيد متروّيا ومرتجلا؛ وشكرها لو رصّع مع الجواهر لأقام عذر الياقوت إذا اكتسى خدّه الحمرة خجلا، وتوضّح للعلم الكريم.
قلت: وعلى نمط هذه الصدور يجري الكاتب فيما يكتبه إلى صاحبها مناسبا لحاله ولقبه بحسب ما يقتضيه الحال من المناسبات.
وهذه نسخة كتاب، كتب به إلى الملك «الصالح شرف الدّين محمود بن «١» الصالح صالح» ، جوابا عمّا ورد به كتابه: من وفاة والده المنصور أحمد. نقلتها من مجموع بخطّ القاضي تقيّ الدين ابن ناظر الجيش وهو:
أعزّ الله تعالى نصرة المقرّ الكريم، إلى آخر ألقابه- ولا زال الملك باقيا في بيته الكريم، والفلك جاريا بإظهار شرفه العميم؛ وأعظم له الأجر في أكرم ملك انتقل إلى جنّات النعيم، وهنّأه بما أورثه من ذلك المحلّ الأسنى الذي هو الأولى فيه بالتقديم؛ وضاعف لسلطانه الصالح علوّ جدّه، بما منحه من ملكه الموروث عن المنصور أبيه والصالح جدّه، وبما خصّه من إقبالنا الشريف وإحساننا المستديم. أصدرناها معربة عن الودّ الثابت الصّميم؛ مهنّئة له بقيامه بأمور مملكته التي تجمّلت بمحمود صفاته ومن سلف من أسلافه في الحديث والقديم، مبدية لعلمه الكريم أنّ مكاتبته الكريمه، ومخاطبته التي فضحت من الدّرّ نظيمه، وردت على أبوابنا الشريفة على يد فلان فأقبلنا عليها، وألفتنا وجه الكرامة إليها، وعلمنا ما تضمّنته من استمساك المقرّ الكريم بأسباب الوداد، وإقتفائه في ذلك سبيل الآباء والأجداد؛ وما شرحه في معنى ما قدّره الله تعالى من وفاة والده طاب ثراه، مستمرّا