صاحب هراة «١» - وهي مدينة من خراسان. قال في «التعريف» : ولا يجري على الألسن الآن إلا صاحب هرى. قال: وكان ملكها الملك غياث الدين. ولم أسمع أعجميّا يقول إلا قياس الدين. وكان ملكا جليلا نبيلا مفخّما معظّما، له مكانة عند الملوك الهولاكوهيّة، ومنزلة رفيعة عليّة. وكان بينه وبين النّوين جوبان مودّة أكيدة وصداقة عظيمة؛ فلما دارت به دوائر الزمان وأفضت به الحال إلى الهرب، لجأ إلى صاحب هرى هذا، على أنه يسهّل له الوصول إلى صاحب الهند؛ أو إلى ملك ما وراء النهر، فأجابه وأنزله، وبسط أمله؛ وأسرّ له الخداع حتّى اطمأنّ إليه، فأصعده إلى قلعته ليضيفه، فصعد ومعه ابنه جلوقان، وهو ابنه من خوندة بنت السلطان خدابندا؛ وجلوقان هذا هو الذي أجيب إلى تزويجه ببنت السلطان الملك الناصر، وعلى هذا تمّت قواعد الصّلح. وبنى جوبان أمره على أنه بعد التزويج يأخذ له ملك بيت هولاكو بشبهة أنه ابن بنت خدابندا؛ وأنه لم يبق بعد أبي سعيد من يرث الملك سواه. ثم يستضيف له ملك مصر والشام بشبهة أنّ بنت صاحب مصر هي التي ترث الملك من أبيها؛ فحالت المنايا دون الأماني.
وحال صعود جوبان وابنه جلوقان القلعة أمسكهما غياث الدّين وخنقهما ليتّخذ وجها بذلك عند أبي سعيد؛ وبعث بذلك إلى أبي سعيد، فشكر له إمساكهما، وأنكر عليه التعجيل في قتلهما؛ فاعتذر بأنّني لو لم أقتلهما لم آمن استعداد من معهما لمحاصرتي؛ فقبل عذره، وطلب منه إبهام «٢» جوبان ليعرف أنه قد قتله، وكان فيه زيادة سلعة ظاهرة يعرف بها؛ فجهّزه إليه فأكرم رسله وبعث إليه بالخلع؛ وأمر بإصبع جوبان فطيف بها في الممالك. ثم سألت بغداد خاتون بنت