فبينا نحن على ذلك إذ وردت علينا الاخبار بما اتفق لدمشق وأهلها: من أنواع العذاب وتخريب قلعتها وديارها؛ وإحراق جامعها الذي هو الجامع الفرد في الممالك الإسلاميّة، وغيره من المساجد والمدارس والمعاهد والمعابد. فلمّا تواترت هذه الأخبار، وتحقّقت هذه المضارّ، لمحنا من عدم ترحّلكم عن دمشق وهي عامرة نقض ما تقرّر، وعدم التفاتكم إلى الأمير أطلمش المذكور وتجهيزه.
فلما وردت مفاوضته الشريفة المجهّزة إلى صاحب ماردين، أرسلها إلينا [وهي] الواصلة على يد المجلس الساميّ، الشيخي، الكبيريّ، العالميّ، الناسكيّ، الحسيبيّ، النّسيبيّ، الشّرفيّ، عبد المؤمن، شيخ الجبال، ابن «١» وليّ الله، إمام العارفين، عبد القادر الكيلانيّ «٢» ، أعاد الله تعالى من بركاته، والصّدر الأجلّ فخر الدّين التاجر السّفّار، المؤرّخة بثاني عشر ذي القعدة الحرام من سنة أربع وثمانمائة، المتضمّنة وصول المقام الشريف إلى أرزنكان «٣» وكماخ «٤» قاصدا للبلاد الرّومية، والقصد فيها تجهيز الأمير أطلمش وأن يفتح باب المصالحة، ويسلك طريق المصادقة؛ رعاية لصلاح المملكتين، ونظرا إلى إصلاح ذات البين؛ وأنّه لا مطمع إلا في صحة المودّة، وإرسال أطلمش صحبة شخص من مقرّبي حضرتنا الشريفة: لينظر ما يصدر بعد وصولهما من تمهيد قواعد المجاملة، وتشييد مبانيّ المحبة. وأنّ المقام الشريف- زيدت عظمته- أقسم بالله الذي هو في السّماء إله وفي الأرض إله، أن يكون في هذه الحياة محبّا لمن يحبّنا، مبغضا