وقطعت حبال المنافاة والجفاء. وأنّ المقام الشريف كان أقسم في كتبه قسما وأعاده، ثم فصّل مجمله وأفاده؛ وهو- والله الطالب الغالب، المدرك المهلك، الحيّ الذي لا ينام ولا يموت- من يومه هذا لا يخالف ما صدر من عقد الصّلح المسطور، ولا يرجع عن حكمه للعهد المزبور «١» ؛ ويحبّ من يحبّنا ويبعض من يبغضنا؛ ويكون سلما لمسالمينا، حربا لمحاربينا؛ ومتى استنصرنا به على أحد من مخالفينا أمدّنا بما شئنا من العساكر، وأنه أمر ما ناله أحد من الناس غيرنا، وإنه لو كان القسم على الوجه الذي ذكره مصرّحا مذكورا في لفظ الكتاب، وعبارة الخطاب، لكان أوضح والتبيين أملح؛ وأنه حيث كان بأطراف ممالكه المجاورة لممالكنا أحد من المفسدين يجهّزه إلينا مقيّدا. وحيث كان أحد من المفسدين بممالكنا المجاورة لممالكه يعرّفنا به لنجهّزه إليه: لاتفاق الكلمتين، واتحاد المملكتين، وطمأنينة لقلوب الرعايا والسالكين من الجهتين؛ وما تفضّل به: من سؤال المقام الشريف الله عزّ وجل زيادة أسباب دولتنا، ونموّ إيالتنا، وأن الهلال إذا رأيت نموّه، أيقنت أن سيصير بدرا كاملا. وأنّا سنرى ما يصنعه المقام الشريف، من الفضل المنيف، ومن تلافي الأمور، ما يظهر للخاصّة والجمهور، مما يزيد بدرنا نموّا، وقدرنا بين الملوك سموّا: لأنه لنا أكفى كفيل، وأشفق من الولد والصاحب والخليل؛ وإن من علامة الصفا، إظهار ما خفى، وهو أن في أطراف ممالكنا الآن بلادا كانت داخلة في ممالكه، وهي أبلستين، وملطية، وكركر، وكختا، وقلعة الرّوم، والبيرة؛ وأنه كان حمل معناها على لسان المجلس السامي، النظامي، مسعود الكججاني أوّلا، المجهّز الآن صحبة الأمير شهاب الدين بن غلبك وسيف الدين قاني بيه، وأن القصد أن نأمر من بها من النوّاب أن تسلّمها لنوّابه، والمعوّل في انتظام الأمور على ما تحمّله المشار إليه وعوّل عليه؛ وأنه شاكر لمرافقنا، موافق لموافقنا؛ وأنه يصغى إلى ما نبديه، ونتحف به ونهديه، على الصورة التي أبداها، والتحيّة التي بكريم الشّيم أهداها؛ فقد علمنا ذلك