[حضور]«١» موت أعدائه، وبعدن أنّها مقدّمة لجنّات عدنه؛ ولا زالت الآفاق تؤمّل من فيضه سحابا دانيا، وتتهلّل إذا شامت له برقا يمانيا، وتتنقّل في رتب محامده ولا تبلغ من المجد ما كان بانيا.
هذه النجوى وكفى بها فيما يقدّم بين يديها، ويقوّم ولا يقوم من كلّ غالي الثمن ما عليها؛ تطوي المراحل «٢» ، وتجوب البرّ والبلد الماحل، وتثب إليه البحار وتقذف منها العنبر إلى الساحل؛ وترسي به سفنها، وتحط إليه بل تخط لديه مدنها؛ وتؤذن علمه- سره الله- بما لم يحل إليه من نظر، ولم يخل منه من سبب ألف به النّوم أو نفر، ورود وارد رسوله فقال: يا بشراي ولم يقل هذا غلام، ووصوله بالسلامة والسلام؛ وما تضمّنه ما استصحب منه من صحيفة كلّها كرم، وأخبار صحيحة كلّها مما لو قذف به الماء لاضطرم، ذكر فيها أمر المتغلّب العادي، [والصاحب الذي يفعل فعل الأعادي]«٣» ، والجار الذي جار والظالم البادي، وما مدّ الأيدي إليه من النّهاب وما اختطف به القلوب من الإرهاب؛ وتحدّث عن أخباره وعندنا علمه، وأخبر عن أفعاله مما له أجر الصبر عليه وعليه ظلمه، وقصّ رسوله القصص، وزاد الشّجى وضيّق مجال الغصص، وأطار من وكر هذا العدوان طائرا كأنما كان في صدره، وحرّك منه لأمر كان يتجرّع له كأس صبره؛ وقد أسمع الدّاعي، وأسرع الساعي؛ وبلّغ الأمانة حاملها، وأوصل الكلمة قائلها؛ ومرحبا مرحبا بداعي القيام من قبله، وأهلا أهلا بما بلّغ على ألسنة رسله؛ وهلمّ هلمّ إلى قلع هذه الشجرة التي لم ينجب ظنّ غارسها، وقطع هذه الصّخرة التي لم تنصب إلا مزلفة لدائسها؛ والتعاضد التعاضد لما هتف به هاتفه الصارخ، وسمعه حتّى الرمح الأصمّ والسيف المتصاوخ «٤» ، فليأخذ لهذا الأمر الأهبة، وليشدّ عليه فقد