للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتقد كلّ منها في نفسه أنه بعد هذا الحصن المطلوب؛ فهذه تودّ لو أكنّتها البحار تحت جناح أمواجها، وهذه لو أسبلت الرياح العواصف عليها ذيول عجاجها؛ وهذه لو اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار، وهذه لو خسف بها الثّرى وعفت منها الآثار؛ وذلك لما بلغهم وشاهدوه من ويل حلّ بأهل هذا الحصن المنيع، ومن فتك أمحل ربعه المريع، وضيّق مجاله الوسيع؛ وقراع أضجر الحديد من الحديد وا لأبطال لم تضجر، ونضال أسهر كلّ جفن حتّى جفون السيوف لأنا عوّدناها مثل جفوننا أن تسهر؛ فكم شكت النّقوب من مناكبهم زحاما، والشّرفات من ترقّبهم التزاما، والرّقاب من سيوفهم اقتساما؛ وكم حمدت التجارب من رأيهم شيخا وحمد الأقدام من ثبوتهم غلاما؛ قد دوّخوا البلاد فلا موطن إلا لهم به معركة، وأرملوا الحلائل فلا مشرك إلا وقد أرمل من مشركة، وأزعجوا الكفر فلا قلب إلا به منهم خوف ولا سمع إلا لهم به حركة، وملأوا الأرض كثرة وكيف لا يكّثر الله جمعا للإسلام جعل الله فيه بركة.

وكتابنا هذا والمولى بحمد الله أحقّ من هنّيء بهذا الفتح الذي تثني على كتاب بشائره الحقائب، وتجري إلى سماع أخباره الركائب، وتتزاحم على المسير تحت البرد الواصلة به متون الصّبا وظهور الجنائب «١» ؛ وإذا ذكرت ملاحمه، قال كلّ: هذا كتاب أم كتيبة تلوح، وإذا شوهدت حمرة طرسه قيل: وهذا ما صبغته في اليد المعلّمة عليه دم الكفر السمفوح، وينعم- أعز الله نصره- بالإعلان بهذا النبإ الحسن الذي تستروح إليه الأسماع، وتسرّ بالأفهم به أخوات هذا الحصن من مدنه ومن قلاعه العظيمة الامتناع؛ فإنه ما برح الأخ يفرح بأخيه، وإذا كان الهناء عظيما اشترك كلّ شيء فيه، إن شاء الله تعالى.

وهذه نسخة كتاب آخر إلى صاحب اليمن من هذا الأسلوب: كتب به

<<  <  ج: ص:  >  >>