هذا السلطان نحو التسعمائة ألف فارس، وعنده زهاء ألفي فيل يقاتل عليها، وخلق من العبيد تقاتل رجّالة مع سعة الملك والحال، وكثرة الدّخل والمال، وشرف النّفس والإباء، مع الاتّضاع للعلماء والصّلحاء؛ وكثرة الإنفاق، وعميم الإطلاق؛ ومعاملة الله تعالى بالصّدقة، وإخراج الكفاية للمرتزقة؛ بمرتّبات دائمة، وإدرارات متّصلة؛ بعد أن حكى عن رسوليه دميرخوان «١» وافتخار ما قال: إنه لو سكنت النفوس إلى براءتهما من التعصب [فيه] لحكى منه العجائب، وحدّث عنه بالغرائب؛ ثم ذكر أنه أرسل مرّة مالا برسم الحرمين وبيت المقدس، وهدية للسلطان تزيد على ألف ألف دينار؛ فقطع عليها الطريق باليمن، وقتل محضرها بأيدي مماليك صاحب اليمن، لأمر بيّت بليل؛ ثم قتل قاتلوه، وأخذ أهل اليمن المال وأكلوه؛ وكتب عن السلطان إلى صاحب اليمن في هذا كتاب منه «وقد عددت عليه فعلته» وقيل فيه: «وفعل ما لا يليق، وأمسى وهو يعدّ من الملوك فأصبح يعدّ من قطّاع الطريق» . وقد سبق في الكلام على المسالك والممالك من عظيم هذه المملكة وعظم قدر رجالها ما فيه كفاية عن الإعادة.
قال في «التعريف» : ورسم المكاتبة إليه رسم المكاتبة إلى القانات الكبار المقدّم ذكرهم، في هيئة الكتاب وما يكتب به والطّغراة والخطبة. وألقابه «المقام الأشرف، العالي، المولويّ، السلطانيّ، الأعظميّ، الشاهنشاهيّ، العالميّ، المجاهديّ، المرابطيّ، المثاغريّ، المظفّريّ، المؤيّديّ، المنصوريّ، إسكندر الزمان، سلطان الأوان، منبع الكرم والإحسان، المعفّي على ملوك آل ساسان، وبقايا أفراسياب وخاقان، ملك البسيطة، سلطان الإسلام، غياث الأنام؛ أوحد الملوك والسلاطين» ويدعى له. قال: ولم يكتب إليه في ذلك الوقت لقب ينسب إلى الخلافة نحو «خليل أمير المؤمنين» وما يجري هذا المجرى، إذ كان قد بلغنا أنه يربأ بنفسه إلى أن يدّعى الخلافة، ويرى له فضل الإنافة.