للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا تمثل إلينا رسولكم المكرّم، وصاحبكم الكامل المعظّم، ذو الأصل الطاهر، والنسب الباهر؛ والرأي السّديد، والبأس الشديد، فلان: لا زال عليّ مقامه حسنا، وجفن علمه لا يبعث الجهل عليه وسنا؛ فأبدى إلينا ما في وطابه، وأثلج الصّدور بحكمة فضله وفصل خطابه، وأخذ يجاذبنا عنكم أطراف الأحاديث الطيّبة، ويرسل علينا من سماء محبّتكم مزنها الصّيّبة؛ وأطربنا بسماع أخباركم، ونصر أعوانكم وأنصاركم؛ ونبّه على ما أودعه كتابكم، وتضمّنه من النّصرة خطابكم؛ ودوس جنودكم جزيرة «غودش» وعودهم بالمنّ والمنح، وتلاوتهم عند الانتصار إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ

«١» وقفولهم متفيّئين من الجهاد بظلّه، فرحين بما آتاهم الله من فضله، بعد أن نعقت منهم على الكفّار الغربان، واقتنصت الرجال آجالهم اقتناص العقبان، وجاءتهم كالجبال الرّواسي، وظفرت بهم أظافير الرّماة ومخالب المراسي، وغنّت عليهم أوتار القسيّ فأرقصت رؤوسهم على الضّرب، وسقتهم كؤوس الرّدى مترعة ونعم هذا الشّرب لأولئك الشّرب، وأعادت المسلمين بالغنائم إلى الأوطان بعد نيل الأوطار، وبشّرت الخواطر بما أقرّ العيون من النّجاح والنّجاة من الأخطار؛ هذا والعدوّ الملقي السّلم «٢» عند الجهاد، جيء بهم مقرّنين في الأصفاد؛ يا لها غزاة أشرق نورها كالغزالة، وأشرق يوم إسلامها على ليل الكفر فأزاله، وتولّد منها الجهاد فلا يرى بعدها إن شاء الله عقيما، وتلا لسان الشّوق إليه يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً

«٣» . لا زالت رقاب الأعداء لأسيافكم قرابا، وغزواتكم الصالحة تنيلكم من الله أجرا وثوابا.

ولما عرضت علينا من جودكم عند العشيّ الصافنات الجياد، وحلّينا منها بقلائد منّها الأجياد، نقسم لقد حيّرتنا، ألوانها إذ خيّرتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>