للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه نسخة جواب إلى صاحب حمراء غرناطة. وقد ورد كتابه في ورق أحمر يتضمّن قيامه بأمر الجهاد في الكفّار، وما حصل من استيلاء بعض أقاربه على ملكه ونزعه منه، وأنه استظهر بعد ذلك على المذكور وقتله، وعاد إلى ملكه على عادته. في جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة، وهي:

نخصّ الحضرة العلية، حضرة الأمير فلان، وألقابه، جعل الله له النصر أين سار قرينا، والظّفر والاستظهار مصاحبا وخدينا، وزاد في محلّه الأسنى تمكينا وتأمينا، ومنح أفقه الغربيّ من أسرّة وجهه المتلأليء الإشراق، ومهابة بطشه الذي يورد العدا موارد الرّدى بالاتّفاق، تحسينا وتحصينا- بإهداء السلام الذي يتأرّج عرفا، ويتبلّج وصفا، ويكاد يمازح النّسيم لطفا- وإبداء الشّكر الذي جلّله ملابس الإكرام وأضفى، وأجمل منه نفائس عقد المودّة التي أظهرها فلم تكن تخفى.

ثم بعد حمد الله مؤكّد أسباب علاه، ومؤيّد موجبات نصره وما النصر إلا من عند الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أمدّه بملائكته المقرّبين، ونصره بالرّعب مسيرة شهر كما ورد بالنصّ والتعيين، ورفع باسمه ألوية المؤمنين الموحّدين، وقمع ببأسه ثائرة البغاة والمتمرّدين، وعلى آله وصحبه الذين لازموا التمسك بأسباب الدين، وجاهدوا في إقامة منار الإسلام لما علموا مقدار أجرهم علم اليقين، صلاة متوالية متواترة على ممرّ الأحقاب والسّنين؛ فإنا نوضّح لعلمه الكريم أنّ كتابه ورد علينا مشتملا على المحاسن الغرّاء، مغربا بل معربا لنا بحمرة لونه أن نسبته إلى الحمراء، مشبها ورد الخدود والنّقس فيه كالخال، أو شقائق النّعمان كما بدا روضه غبّ السحاب المتوال. فوقفنا على مضمونه جميعه، وتلمّحنا بديع معانيه من جميل توشيعه وترصيعه، وعلمنا ما شرحه فيه: من استمراره على عادة سلفه في القيام بأمر الجهاد، وقطع دابر الكفرة ذوي الشّقاق والعناد، وتوطيد ما لديه من تلك البلاد، وتطمين ما بها من العباد، وما اتفق من قريبه في الصورة لا في المعنى، وكيف أساء إليه فعلا وقد أحسن به ظنّا، وأنه رصد الغفلة من جنابه، وأقدم على ما أقدم عليه من اقتراف البغي والتمسّك بأسبابه، ولم يزل يراعي غيبة الرّقيب وهجوع السامر، إلى أن تمكّن من الاستيلاء على ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>