الكلام على مدينة تفليس أنها من إقليم أرّان وأنها كانت قد فتحها المسلمون. ثم غلب عليها الكرج وملكوها فلو «١» عبّر عن صاحبها بمتملّك تفليس كما كان يعبّر عن المستولي على سيس «٢» من الأرمن بمتملّك سيس، وعن المستولي على قبرس بمتملّك قبرس على ما سيأتي ذكره على الأثر إن شاء الله تعالى.
الثانية- مملكة الأرمن وقاعدتها مدينة «سيس» قبل فتحها، وقد سبق في الكلام على مدينة سيس عند ذكر مضافات حلب، في الكلام على الممالك الشامية في المسالك والممالك ذكر حدود هذه البلاد وبيان أحوالها، وأنها كانت تسمّى في زمن الخلفاء بلاد الثّغور والعواصم، وأنها كانت بأيدي المسلمين، وأهلها نصارى أرمن، وعليهم جزية مقرّرة يؤدونها إلى الملوك، إلى أن كانت طاعتهم آخرا لبقيّة الملوك السّلاجقة ببلاد الروم، والعمّال والشّحاني على بلادهم من جهة الملك السّلجوقيّ حتّى ضعفت تلك الدولة، وسكنت شقاشق «٣» تلك الصّولة، وانتدب بعضهم لقتال بعض، وصارت الكلمة شورى، والرعيّة فوضى، وشوامخ المعاقل مجالا للتخريب، والبلاد المصونة قاصية من الغنم للذّيب، وطمع رئيس النصارى بهذه البلاد حينئذ فيها واستنسر بغاثه، واشتدّ إنكاثه، ورأى سواما لا ذائد عنه فساقه، ومتاعا لا حامية له فملأ منه أوساقه، فاستولى على هذه البلاد وتملّكها، وتحيّف مواريث بني سلجوق واستهلكها. وذكر في «مسالك الأبصار» أن كبيرهم كان يسمّى قليج بن لاون.
قال في «التعريف» : وقد أخذ في أخريات الأيام الناصرية «٤» ، يعني (محمد بن قلاوون) بلاد ماوراء نهر جاهان «٥» وأمّها آياس، وكان قد أخذ بعض