آخر: صان الله تعالى بمصانعته من أهل ملّته كلّ قبيل «١» ، وأمّن الله بمداراته من خوف جيوشنا المنصورة كلّ سبيل، وصدّ عنه بصدق صداقته بعث جنودنا الذي لا يردّ وأوّله بالفرات وآخره بالنّيل.
آخر: ولا زال يتوقّى بطاعته بوادر الأسنة، وعوادي الخيل موشّحة بالأعنّة، وعيث الجيش حيث لا يبقى إلّا أحد الأقسام الثلاثة: القتل أو الأسر أو المنّة.
آخر: جنّب الله رأيه سوء التعكيس، وشرّ ما يزيّن لمثله إبليس، وأخذ جنائب قلاعه وأوّل تلك الجنائب سيس.
والذي ذكره في «التثقيف» أنه كان اسمه كستندين بن هتيوم، وأنّ رسم المكاتبة إليه على ما كان استقرّ عليه الحال إلى حين الفتوح في سنة ستّ وسبعين وسبعمائة، في قطع العادة:«صدرت هذه المكاتبة إلى حضرة الملك الجليل، المكرّم، المبجّل، المعظّم، المعزّز، الهمام، الباسل، فلان بن فلان، عزّ دين النصرانية، كبير الطائفة الصليبيّة، عماد بني المعمودية، صديق الملوك والسلاطين، أدام الله نعمته، وحرس مهجته، تعلمه كذا وكذا» وتعريفه «متملك سيس» ، قال: وكتبت أنا والجماعة إليه بهذه المكاتبة مرّات.
قلت: وقد بطلت هذه المكاتبة بفتح سيس حين فتحها قشتمر المنصوريّ نائب حلب في الدولة الأشرفية «شعبان بن حسين» في التاريخ المقدّم ذكره، واستقرّت نيابة في رتبة نيابة طرابلس وما في معناها، ثم استقرّت تقدمة عسكر في مضافات حلب على ما تقدّم ذكره في المسالك والممالك هناك. وإنما كان يقال له متملّك سيس دون ملك سيس لما تقدّم من أنها كنت أوّلا بيد المسلمين، ثم وثب عليها رئيس الأرمن المقدّم ذكره فملكها من أيدي المسلمين، ولله الحمد في إعادتها إلى يد المسلمين، واستقرارها في جملة الممالك الإسلامية.