قبلة صفاء لم تغيّرها يد بعد ولا انتزاح، ونثابر من حفظ عهده، والقيام بحقّ ودّه، على ما يؤكّد معرفة الخلوص من لدن تعارف الأرواح، ونبادر لما يبعث القلوب على الائتلاف، والأمن بفضل الله من عوائق الاختلاف؛ وإن شحطت الدار وتناءت الصّور والأشباح. ونعترف بما له من مزيد الإعظام، بمجاورة البيت الحرام، والقيام بما هنالك من مطالع الوحي الكريم ومشاعر الصّلاح، ونجتلي من أنوائه الكريمة الشريفة، ومطالعه العالية المنيفة، وجوه البشائر رائقة الغرر والأوضاح. ونستهدي ما يسرّنا من أنبائه، ممّن يرد من تلقائه، حتّى من أنوار الصّباح وسفراء الرّياح، ونبتهل إلى الله بالدعاء أن يخبرنا عنه، ويطلعنا منه، على ما يقرّ عيون الفوز ويشرح صدور النجاح- السلطان الجليل الطاهر، الملك الأعظم «الظاهر» ، جمال الدين والدنيا، مؤيّد كلمة الله العليا، سيف الملّة المرهوب المضاء، بيد القضاء، وركنها الباسق العلاء، في أوج عزّها المنداح للفضاء، المشهود له من لدن حلّ التمائم، ولوث العمائم، بالشّهامة التي ترعب الأسد في أجمها، وتستخدم له سائر الأمم، تركها وعربها وعجمها، المختار للقيام بحقّه بين عباده، في أرضه وبلاده، الفائز من جوار بيت الله ومقام خليله، ومشرع الحجيج إليه وتيسير سبيله، بما أحرز له سعادة الدارين، وعزّ المقامين، كوكب السعد الذي شقيت به أعداوه، وبدر الدين الذي استضاءت به أنحاؤه، ميزان العدل لإنصاف الحقوق، وشمس الهداية النيّرة الغروب والشّروق، (أبي سعيد «١» برقوق) وصل الله له رتبة راقية يتبوّأ محلّها، ونعمة باقية يتفيأ ظلّها، وعزّة واقية تسم وجوه أعدائه خسفها وذلّها، بمنّه وكرمه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد حمد الله ناظم الشّمل وقد راب نثره وشتاته، وجابر الصّدع وقد اتسعت عن الجبر جهاته، ورادّ الأمر وقد أعيا ذهابه وفواته، وواصل الحبل وقد استولى انقطاعه وانبتاته، العالم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرّة مما تكنّه أرضه