وأفرده، وقرن ذكره بذكره فأبقاه أبد الدّهر وخلّده. والرّضا عن آله الكرام، وصحابته الأعلام، الذين حفظوا بالتوقير والتعزير مغيبه ومشهده، وكانوا عند استلال السّيوف، ومجال الحتوف، عدده المظفّر وعدده. والدعاء لذلكم المقام الشريف بسعد يطيل في شرف الدين والدنيا مدده وأمده.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من أخيكم، البرّ بكم، الحريص على تصافيكم، عبد الرحمن بن أبي موسى بن يغمراسن. وإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم أنجح المقاصد وأرجحها، وأثبتها عزّا وأوضحها، من حصن «تلمسان» حرسها الله تعالى، ولا ناشيء بفضل الله تعالى إلّا ما عوّد من بشائر تحثّ جيادها، ومسارّ يتطاول إلى المزيد اعتيادها- وإلى هذا أعلى الله كلمتكم، وأمتع المسلمين بطول بقائكم، فإنا نعرّفكم بوصول كتابكم الخطير الأثير، فتلقيناه بما يجب من التكريم والتعظيم، وتتبّعنا فصوله، واستوعبنا فروعه وأصوله، وتحقّقنا مقتضاه ومحصوله، وعلمنا ما انطوى عليه من المنن والإفضال، واشتمل عليه من التفصيل والإجمال، ومن أعظم ذلك إذنكم لنا في أداء فرض الحجّ المبرور وزيارة سيد البشر، الشفيع في المحشر، الذي وجبت له نبوّته، ومثنّى الغيب عليه منسدل، وآدم صلوات الله عليه في طينته منجدل، وعلم الله أننا لم تزل آمالنا متعلقة بتلكم المشاعر الكريمة، وقلوبنا متشوّقة إلى تلكم المشاهد العظيمة، فلنا في ذلك نيّات صادقة التّحويم، وعزمات داعية التصميم، وكان بودّنا لو ساعدنا المقدار، وجرى الأمر على ما نحبّه من ذلك ونختار، أن نمتّع برؤية المواطن التي تقرّ أبصارا، ويتشفّى بها إيرادا وإصدارا، ولعلّ الله تعالى ينفعنا بخالص نيّاتنا، وصادق طويّاتنا، بمنه وكرمه.
وقد وجب شكركم علينا من كلّ الجهات، واتصلت المحبة والمودّة طول الحياة، غير أنّ في قلوبنا شيئا من ميلكم إلى غيرنا واستئناسكم، ونحن والحمد لله أعلم الناس بما يجب من حقوق ذلكم المقام الشريف، ولنا القدرة على القيام بواجبكم، والوفاء بكريم حقكم، وليس بيننا وبين بلادكم من يخشى والحمد لله من كيده، ولا يبالى بهزله ولا جدّه، وقد توجّه إلى بابكم الشريف قرابتنا الشيخ