الأمير فلان- ترجمان النّيّة، ولسان الطويّة، وشاهد الإخلاص، وعنوان الاختصاص، وسببا إلى الزّيادة، وطريقا إلى السّعادة، وكانت معارفه قد أحاطت بمعادنه واستولت على محاسنه، فألسن آثارها مع الصّمت أفصح من لسانه، وبيانها مع الجحود أبلغ من بيانه، ونحو ذلك. ثم أحدثوا اصطلاحا آخر أضافوه إلى الاصطلاح الأوّل، فقدّموا على الدعاء لفظ «كتابنا» أو لفظ «كتابي» رتبة دون رتبة، مثل أن كتبوا: كتابنا- أطال الله بقاء الأمير! ونحن على أفضل ما عوّدنا الله من انتظام الأمور وسدادها، واستقامتها بحضرتنا واطّرادها، أو كتابي- أطال الله بقاء مولاي الحاجب- عن سلامة ينغّصها فقدك، وينتقصها فراقك، وما يجري مجرى ذلك. وربما أبدلوا لفظ كتابنا أو كتابي بلفظ كتبت بصيغة الفعل، وربما ابتدأوا بلفظ أنا ونحوه. ثم خرج بهم الاختيار إلى مصطلحات اصطلحوا عليها مع بقاء بعض المصطلح القديم، فخاطبوا بالحضرة تارة، وبالخدمة تارة، وبالمجلس أخرى، فكتبوا: كتابي، أطال الله بقاء حضرة سيّدنا الوزير، أو سيّدنا الأمير، ونحو ذلك، أو أسعد الله الحضرة، أو أسعد الله الخدمة، أو ضاعف الله جلال الخدمة، أو أعزّ الله أنصار الخدمة. وربما كتبوا: صدرت هذه الخدمة إلى فلان. وقد يكتبون: صدرت هذه الجملة، إلى غير ذلك من تفنّناتهم التي لا يسع استيعابها، ولا يمكن اجتماع متفرّقها.
قلت: وبالجملة فضبط صدور الإخوانيّات وابتداءاتها على هذا المصطلح غير ممكن لاختلاف مذاهبهم في ذلك، والذي تحصّل لي من كلام النحاس وابن حاجب النعمان، وترسّل أبي إسحاق «١» الصابي، والعلاء بن «٢» موصلايا، وأبي