الإهاب، بسودد الحفد. الظّلّ إذا رحب، ازدحم عليه الضّاحون، والورد إذا عذب، ازدلف إليه الممتاحون، وظلّ الحضرة المكرّمة كثيف الأفياء، ووردها مغن عن وسائط الأرشية والدّلاء، فلا غرو أن تضرب إليها أكباد الإبل، وتغصّ بالوفود عليها أفواه السّبل، والله تعالى يعين الحضرة المكرّمة على الأيادي تسوّغها، والآمال تبلّغها، بمنّه. وإن الأمر كذا وكذا.
وإما بالدّعاء للمحلّ.
كما كتب أبو المطرّف بن عميرة في صدر شفاعة:
أبقى الله المحلّ الأعلى حرما يتحاماه الأنام، وعلما تتضاءل له الأعلام، ولا زالت آراؤه الناجحة، تستمدّها العقول والأفهام، ومساعيه الصالحة، يشكرها الله والإسلام، إنّ مجدا سامى الكواكب بمثواه، وسارى الغرّ السواكب في جدواه، لداع إلى استلام كفّه العلية، والاستهام على وصفه الذي له حقيقة الأوليّة، وكيف لا وقد أجار من الدهر المخيف، وصار قبلة كلّ داخل تحت التكليف، يعيد متى أخطأها صلاة الأمل، ويرى الاجتهاد في طلبها من راحة العمل، وإنّ الأمر كذا وكذا- إلى غير ذلك من أنواع الدعاء.
ومنها- أن تفتتح المكاتبة بلفظ «كتابي» كما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى بعض العلماء:
كتابي إلى سيدي- حفظه الله مقيما وسائرا، وأبقاه لغرر البيان ساحرا، وعن وجه الإحسان سافرا، ولا زالت آدابه تشرق وتروق ساهرا، ومحاسنه كالشمس إذا لم يلق نورها ساترا، من فلانة- والودّ روضة مطلولة، ورحم موصولة، خلص من القلب إلى حبّته، واختصّ منه بما ليس لأحد من أحبّته، وأثار شوقا على قدره، وهوى ثوى في صدره، وأسفا على عهد أصبو إلى ذكره، فات، وردّ الفائت يعسر، وقصر، وأيام السّرور تقصر، كأنما كان قراءة سطر، أو إغفاءة فجر، أو زيارة مجتاز، أو عبارة ذي إيجاز. فمن لنا بذلك الأرج الذكي، والأريحيّ يرتاح لما يخترع أو يحكي، ومتى نفوز بمن ينحت من صخر، ويزري بأبي صخر، ويغرف