آخر: لا زالت الدنيا ببقائه مجمّلة، والعلياء لا رتقائه مؤمّلة، والنّعم على اختلافها جواهر مكمّلة، وينهي.
قلت وربما أتي بصورة الإنهاء مسجوعة أيضا، مثل أن يكتب: وينهي بعد تعبّده بولائه، وقيامه بحقوق آلائه. أو وينهي بعد دعاء يقوم بوظائفه، وولاء يتردّى بمطارفه. أو ينهي بعد رفع أدعيته، وقطع العمر في موالاته وعبوديّته، ونحو ذلك. وعلى ذلك جرى في «عرف التعريف» إلّا أنّ الغالب في كتابة أهل الزمان إهماله. والعنوان إن قصد تعظيمه: الباب العالي، بألقاب الباب الكريم في المكاتبة قبلها، إلّا أنه يحذف منها الكريم، وإن لم يقصد تعظيمه فالمقرّ الشريف بالألقاب التي في صدر الكتاب. وصورة وضعه في الباب العالي على ما تقدّم في الباب الكريم: أن يأتي به في سطرين كاملين من أوّل عرض الدّرج إلى آخره، كما في هذه الصورة:
المقرّ الشريف، العاليّ، المولويّ، الأميريّ، الكبيريّ، العالميّ، العادليّ، المؤيّديّ، الذخريّ، الظّهيريّ، المسنديّ، الزّعيميّ، المالكيّ، المخدوميّ، السيفيّ، أعزّ الله تعالى أنصاره أمير حاجب بالشام المحروس.
والعلامة في هذه المكاتبة «المملوك فلان» بقلم الرقاع، بأسافل الكتاب، مقابل إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّ هذه المراتب الخمس هي الدائرة في المكاتبات بين كتّاب زماننا بمملكة الديار المصريّة وما جرى على نهجها، والمعنى في ترتيبها على هذا الترتيب أنه في المرتبة الأولى منها حذف الدعاء والثناء المقتضيان للدّالّة من المكتوب عنه على المكتوب إليه، واقتصر على اليسير من الكلام دون الكثير الذي فيه سآمة المكتوب إليه واضجاره، عند قراءة الكتاب، وعنونت بالفلاني كالسّيفيّ ونحوه، من حيث إنه لقبّ مؤدّ إلى رفعة، وأتي فيه بمطالعة المملوك فلان، إشارة إلى التصريح بالرقّ والعبوديّة من المكتوب عنه للمكتوب إليه مع إقامته في مقام الرّفعة بذكر لقبه المؤدّي إلى رفعة قدره- وفي المرتبة الثانية أتي فيها بالفلانيّ داخل المكاتبة دون العنوان فكانت أنزل مما قبلها، من حيث إنّ العنوان ظاهر وباطن