يحمده أمير المؤمنين على ما أفرده به من سنيّ المواهب، ونظمه له من عقود المناقب، ونقله إليه من تراث آبائه الكرام الذين جلا ضياؤهم ظلام الغياهب، وتزينت بهم الأرض تزيّن السماء الدنيا بزينة الكواكب، ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد الذي نشر الله به الرحمة، وكشف الغمّة، وأنقذ الأمّة، صلّى الله عليه وعلى أخيه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، والمذكور في زبر الأوّلين، وعلى الصّفوة من ذرّيتهما الهداة الراشدين، صلاة باقية إلى يوم الدين.
وإنّ النّعم تتفاضل أقدارها بحسب مواقعها، وتتفاوت أخطارها بقدر مواضعها، ومن ألطفها مكانا، وأشرفها محلّا وشأنا، وأولاها بأن تستنطق به الأقلام، وأحقّها بأن يتناقل ذكرها الخاصّ والعام، ما خصّ الله به أمير المؤمنين من المنن الظاهرة، وتولّاه من المنح المتظاهرة، وأصاره إليه من الخلافة في أرضه، واستخلفه عليه من القيام بسنن دينه وفرضه، واسترعاه إيّاه من حياطة بلاده، وأوجبه من طاعته على كافّة خلقه وعباده، وذخره لدولته من كفيله وخليله، ومقيم أدلّة حقه وموضّح سبيله، السيد الأجلّ الأفضل الذي ارتضاه الله للذّبّ عن الإسلام، وانتضاه لنصرة إمام بعد إمام، وشهر مناقبه في كلّ موقف ومقام، وخصّه بفضائل لم تر مجتمعة لملك من ملوك الإسلام، لا جرم «١» أنّ أمير المؤمنين قد أحلّه منه محلّ الرّوح من الجسد، والوالد من الولد، وفوّض الأمور إليه تفويض معوّل على يمن نقيبته معتمد، مبالغ في حسن الاختيار للأمة مجتهد، والله تعالى يمتّع أمير المؤمنين ببقائه الكافل ببلوغ الأمل، ويجازيه عن تشييد مملكته أحسن ما جزى به مخلصا جمع في الإيمان بين القول والعمل، بكرمه.
ولما وقف أمير المؤمنين بما طالعه به السيد الأجلّ الأفضل عند مثوله بحضرته، وإنهائه أمور دولته وأحوال مملكته، على أمرك الذي استحمده في الخدمة، واستحققت به إفاضة الإحسان وإسباغ النعمة، وأن لك في الدولتين