وهذه نسخة مرسوم كريم في المعنى، بل هو أصرح في ذلك ممّا قبله، كتب به عند ظهور الفرنج اللوساريّة والشوال بالبحر، من إنشاء الشيخ بدر الدين بن حبيب «١» الحلبيّ «٢» ، وهو وإن لم يكن عن السلطان فإنه في معناه؛ لقيام النائب بالمملكة قيام السلطان الذي استنابه، وهو:
المرسوم بالأمر العالي أعلاه الله تعالى، لا زالت مراسمه النافذة تبلّغ أهل العصابة المحمّدية غاية الآمال، وأوامره المطاعة تقضي بكسر اللّوساريّة وشين الشوال، أن تتقدّم العساكر المنصورة بالمملكة الطّرابلسيّة أيد الله تعالى عزائمهم القاهرة، وأذلّ بسيوفهم الطائفة الكافرة، بارتداء ملابس الجهاد، والتّحلّي بمرارة الصّبر على اجتلاء الجلاد، وأن يجيبوا داعي الدّين، ويكفّوا أيدي المعتدين، ويفوّقوا سهامهم، ويجعلوا التّقوى أمامهم، ويشرعوا رماحهم، ويحملوا سلاحهم، ويومضوا بروق السيوف، ويرسلوا نبال الحتوف، ويهدموا بنيان الكفّار، ويطلعوا أهلّة القسيّ بمدّ الأوتار، ويهضموا جانب أهل العناد، ويقابلوا البحر بملء بحر من الجياد، ويناظروا أمواجه بأمواج النّصال، ويقاتلوا الفرقة الفرنجيّة أشدّ القتال، ولا يهملوهم بالنهار ولا بالليل، ويعدّوا لهم ما استطاعوا من قوّة ومن رباط الخيل، وينوّروا بمصابيح الرّباط في سبيل الله ظلام الدّجنّة، وأن يصابروا ويصبروا، فإذا استنفروا فلينفروا، ويبالغوا في الغدوّ والرّواح ليبلّغوا الرّعيّة من الأمن أمانيها. فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:«لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها» . ويعتمدوا على القريب المجيب، ويجتهدوا في كسر أصلاب أهل الصّليب، وينافسوا في أمر الآخرة ويدعوا الدنيا، ويقاتلوا لتكون كلمة الله هي