ثم الفتوح إما فتح لبعض بلاد الكفر، وإما فتح لما استولى عليه البغاة من المسلمين.
فأما فتح بلاد الكفّار فكان سبيلهم فيه أن يصدّر الكتاب بحمد الله تعالى على علوّ دين الإسلام ورفعته، وإظهاره على كل دين، ثم على بعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالهداية إلى الدّين القويم، والصّراط المستقيم، ويذكر ما كان من أمره صلّى الله عليه وسلّم من جهاد الكفّار. ثم على إقامة الخلفاء في الأرض حفظا للرّعيّة، وحياطة للبريّة، وصونا للبيضة، ويخصّ خليفة زمانه من ذلك بما فيه تفضيله ورفعة شأنه، ثم يؤخذ في تعظيم شأن العدوّ وتهويل أمره، وكثرة عدده، ووفور مدده، ثم في وصف جيوش المسلمين بالقوّة والاستعداد، والاشتداد في الله تعالى، والقيام في نصرة دينه، ثم تذكر الملحمة وما كان من الوقيعة والتحام القتال، وما انجلت عنه الملحمة من النّصرة على عدوّ الدين وخذلانه، والإمكان منه، وقتل من قتل منهم، وأسر من أسر، وتفريق شملهم، وانتظام كلمة الإسلام، وطماعيتهم بهلاك عدوّهم، وما في معنى ذلك.
وهذه نسخة «١» كتاب كتب به إلى الدّيوان العزيز، أيام الناصر لدين الله، عن السلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، بفتح القدس الشريف، وإنقاذه من يد الكفر، في آخر شعبان سنة ثلاث وثمانين وخمسائة، من إنشاء القاضي «٢» الفاضل، وهو:
أدام «٣» الله أيام الدّيوان العزيز النّبويّ الناصريّ «٤» ، ولا زال مظفّر الجدّ بكلّ