بكلّ سور ما كان يخاف زلزاله وزياله «١» إلى يوم النّفخ في الصّور.
ولمّا لم يبق إلّا القدس وقد اجتمع «٢» إليها كلّ شريد منهم وطريد، واعتصم بمنعتها كلّ قريب منهم وبعيد، وظنّوا أنها من الله مانعتهم، وأن كنيستها إلى الله شافعتهم، فلمّا «٣» نازلها «٤» الخادم رأى بلدا كبلاد، وجمعا كيوم التّناد، وعزائم قد تألّبت «٥» وتألّفت على الموت فنزلت بعرصته، وهان عليها مورد السّيف وأن تموت بغصّته، فزاول البلد من «٦» جانب فإذا أودية عميقة، ولجج وعرة «٧» غريقة، وسور قد انعطف عطف السّوار، وأبرجة قد نزلت مكان الواسطة من عقد «٨» الدار، فعدل إلى جهة أخرى كان للمطامع «٩» عليها معرّج، وللخيل فيها متولّج، فنزل عليها، وأحاط بها وقرب منها، وضرب «١٠» خيمته بحيث يناله السّلاح بأطرافه، ويزاحمه السّور بأكنافه، وقابلها ثم قاتلها، ونزلها ثم نازلها، وبرز إليها ثم بارزها، وحاجزها ثم ناجزها، فضمّها «١١» ضمّة ارتقب بعدها الفتح، وصدع أهلها «١٢» فإذا هم لا يصبرون على عبوديّة الخدّ «١٣» عن عتق الصّفح، فراسلوه ببذل قطيعة إلى مدّة، وقصدوا نظرة من شدّة وانتظارا