كان قدّمه من تكفيلك أمر مملكته، وإعادة القول فيما أسلفه من ردّه إليك تدبير ما وراء سرير خلافته التذاذا بتكرار ذلك وترديده، وابتهاجا بتطرية ذكره وتجديده، فأمور الملّة والدّولة معدوقة بتدبيرك، وأحوال الأداني والأقاصي موكولة إلى تقريرك، وقد جمع لك أمير المؤمنين من استخدام الأقلام، وجعل السيادة لك على سائر القضاة والدّعاة والحكّام، وأسجل لك بالاختصاص بالمعالي والانفراد، والتّوحّد بأنواع الرّياسات والاستبداد، ولك الإبرام والنّقض، والرّفع والخفض، والولاية والعزل، والتقديم والتأخير، والتّنويه والتأمير، فالمقدّم من قدّمته والمحمود من حمدته، والمؤخّر من أخّرته، والمذموم من ذممته، فلا مخالفة لما أحببته، ولا معدلة عما أردته، ولا تجاوز لما حدّدته، ولا خروج عمّا دبّرته، وأين ذلك ممّا يضمره لك أمير المؤمنين وينويه، ويعتقده فيك فلا يزال مدى الدّهر يعيده ويبديه؟ ولو لم يكن من بركاتك على دولة أمير المؤمنين، ويمن تدبيرك العائد على الإسلام والمسلمين، إلّا أنّ أوّل عسكر جهّزته إلى جهاد الكفرة الملاعين- وكان له النّصر العزيز الذي تبلّج فجره، والفتح المبين الذي جلّ قدره وانتشر ذكره، والظّفر المبهج للدّين- العسكر المنصور على الطائفة الكافرة، قتلا لأبطالها وأسرا لأعناق رجالها، وأخذا لقلاع الملسرة «١» منها، وأنه لم يفلت من جماعتها إلّا من يخبر عنها، ولو علم أمير المؤمنين تعظيما يخرج عما تضمّنه هذا السّجلّ لما اقتصر عليه، إلّا أنه عاجله ما يسرّه فجاهر «٢» لك بما هو مستقرّ لديه، والله عزّ وجلّ يخدمك السّعود، ويخصّك من مواهبه بما يتجاوز المعهود، ويمدّك بموادّ التوفيق والتأييد، ويقضي لك في كلّ أمورك بما لا موضع فيه للمزيد، إن شاء الله تعالى، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قلت: وهذا الصّنف من الكتب السلطانية قد رفض وترك استعماله في