من إضاعة الحقّ بعثاني على مراجعة القريحة، واستكداد الرّويّة، فأسعفا بما قبلته الضرورة، ولم أطع في إهدائه سلطان الحشمة، وفضل سيدي يتّسع لقبول الميسور، وتحسين القبيح، والله المعين على تأدية حقّه، والقيام بواجب فرضه.
وله فيه أيضا، إلى من منع أن تهدى إليه فيه هدية.
لو كنت فتحت باب الإلطاف، ونهجت إليه سبيلا، لتنازع أولياؤك قصب السّبق وتنافسوا في السّرف، فبان للمجتهد فضله، والتمس العذر في التقصير ملتمسه، وعمّت المنحة كافّتهم بما يظهر من مواقعهم، وينكشف من أحوالهم، لكنّك حظرت ذلك حظرا استوى فيه الفريقان في الحكم، وامتدّ فيه على ذوي الخلل السّتر، ولم تحظر الدّعاء، إذ حظرت الإهداء، فأنا أهديه ضرورة واختيارا، وإعلانا وإسرارا، فأسعدك الله بهذا العيد الجديد، الذي زاد بك في قدره، وشرّفه بأن جعلك من أربابه وولاة أمره.
أبو الفرج «١» البّبغاء:
هذا اليوم من غرر الدّهور المشهورة، وفضائل الأزمنة المذكورة، معظّم في العهد الكسرويّ، مستظرف في العصر العربيّ، باعث على عمارة المودّات، مخصوص بالانبساط في الملاطفات، ولست استزيده- أيّده الله- من برّ يوليه، ولا تطوّل إليّ يسديه؛ غير إدخالي في جملة من بسطته الأنسة، وثقّفته المحبّة، وتقرّبت منه بوكيد الخدمة، في قبول ما إن شرّف بقبوله، كان كثيرا مع قلّته، جليلا مع نزارته، فإن رأى أن يقوّي منه ثقتي، ويقابل بقبول ما أنفذته رغبتي، فعل، إن شاء الله تعالى.
وله في مثله:
قد أطعت في الانبساط إليك دواعي الثّقة، وسلكت في التحرّم بك سبل