ولا زالت الصحة قرينه حتّى لا يعتلّ في منازله غير مرور النّسيم، ويصف شوقا يزيد بالأنفاس وقدا، ويجدّد للأحشاء وجدا، ويباشر القلب المغرم فيمدّ له من عذاب الانتظار مدّا.
وينهي أنه جهّز هذه الخدمة نائبة عنه في استجلاء وجه أكرم الأحبّة، وتصافح اليد الّتي أقلام كتبها في شكوى البعاد أطبّة، مبدية إلى العلم الكريم أنّه مع ما كان يكابده من الأشواق، ويعالجه من خواطر الإشفاق، بلغه ضعف الجسد الموقّى، وعارض الألم الذي استطار من جوانح المحبّين برقا، فلا يسأل الجناب الكريم عن قلب تألّم، وصدر صامت بالهموم ولكنّه بجراح الأشجان تكلّم، ولسان أنشد (طويل) :
ألا ليتني حمّلت ما بك من ضنى ... على أنّ لي منه الأذى ولك الأجر
ثم لطف الله تعالى وعجّل خبر العافية المأمولة، والصحة المقبلة عقيب الدّعوات المقبولة، فيا لها مسرّة شملت، ومبرّة كملت، وتهنئة جمعت قلوب الأودّاء وجملت، وأعضاء فدتها «١» عيون المها فنقلت عنها صفات السّقام وحملت، وعافية حوّلت إلى قلوب الأعداء المرض، وجوهر جسد طاهر زال [عنه] بأس العرض، فهنيئا له بهذه الصحة المتوافرة الوافية، والحمد لله ثم الحمد لله على أن جمع بين حصول الأجر ووصول العافية، وعلى أن حفظ ذاته الكريمة وحفظها هو المقدّمة الكافية الشافية (كامل)
وتقاسم النّاس المسرّة بينهم ... قسما فكان أجلّهم قسما أنا
والله تعالى يسبغ عليه ظلال نعمه ويحفظه حيث كان في نفسه وأهله وخدمه، وكما سرّ الأحباب بخبر عافيته كذلك يسرّهم بعيان مقدمه.