من كمال الفضل، ومأثور النّبل، لحاذرنا انتقال ذلك بانتقال ما كنت تتولّاه بمحمود كفايتك، وتحوطه بنواظر نزاهتك وصيانتك، غير أنّ الله تعالى جعلك بالفضل متقمّصا، وبالمحامد متخصّصا، فالأسف فيما تنظر فيه عليك لا منك، والفائدة فيما تتقلّده بك لا لك، ولذلك كنت بالصّرف مهنّأ مسرورا، كما كنت في الولاية محمودا مشكورا، فلا أخلاك الله من تواصل آلائه، وتظاهر نعمائه، في سائر ما تبرمه وتمضيه، وتعتمده وترتئيه.
أبو الحسين بن سعد- عمّن تولّى عملا إلى من صرف عنه:
قد قلّدت العمل بناحيتك، فهنأك الله تجديد ولايتك، وأنفذت خليفتي لخلافتك، فلا تخله من تبصيرك وهدايتك، إلى أن يمنّ الله بزيارتك.
تهنئة بصرف عن ولاية:
لو كانت رياسة سيّدي مجنيّة من عروش الولايات، وسيادته خارجة عن سانح التصرّفات، لأشفق أولياؤه من زوالهما بمزايلتهما، وحذروا من انتقالهما بنقلهما، لكن ما وسم به من الكمال، وعلا به من رتب الجلال، موجود في غريزته وجود الفرند «١» في السيف المأثور، واللألاء في النور، وإذا تصرّف، أورد الله الرعيّة من مشارعها نطافا، وأسبغ عليهم من ظلّها عطافا، وإذا انصرف فخير مسبل تقلّص، وعيش رائع تنغّص، والأسف على العمل السّليب من حلل سياسته الفاضلة، العاطل من حلى سيرته العادلة، ولهذا أصبح- أيده الله- بالعزل مبتهجا مسرورا، كما كان في الولاية محمودا مشكورا، وانطلقت ألسنة أوليائه، في هنائه، بما وهبه الله من الرّفاهية والدّعة، وحطّه عنه من الأثقال المقلقة، ولا سيّما وقد علم الخاصّ والعامّ أنّ الأعمال إذا ردّت إليه، وعوّل فيها عليه، تسلّم المودع وديعته، والناشد ضالّته، وإذا عدل فيها إلى غيره تناولها