فسّح الله في مدّته، وسهّل أداء ما يجب من شكر نعمته، وألزم الألسنة بحمده والقلوب بمحبّته، وجعله مفرّجا كلّ كرب، ومسهّلا من المقاصد كلّ صعب.
وبعد، فإنّ كافّة الأمّة قد تحقّقت رحمة قلب المولى ورأفته، وتيقّنت إحسانه ومروءته، وأنه يؤثر إعانة كلّ عان وإغاثة كلّ ملهوف، وأنه لا يمسك إلّا بالإحسان ولا يسرّح إلّا بالمعروف، بحيث سارت بحسن سيرته الرّكاب عوضا عن الرّكبان، ودرأت مكارمه «١» عن الأولياء نوب الزّمان، وعلا على حاتم فلو تشبّه بكرمه لقلنا له:(مرعى ولا كالسّعدان)«٢» . وللمملوك من إحسانه أوفر نصيب، وهو يرفل من جوده في ثوب قشيب، وقد اشتهر ما يعامل به من الإكرام، وأنّ قسمه من العناية أوفر الأقسام، وكان يعدّ من جملة العبيد فأصبح مضافا إلى الألزام «٣» ، وهذا مما يوجب على المملوك أن يبتهل إلى الله في تخليد دولته ويتضرّع، وعلى حلم مولانا إنه إذا شفع إليه في مذنب أن يشفّع، وهو يشفع إليه في مملوكه وعبده، والملازم على رفع رايات مجده وتلاوة آيات حمده، فلان، رزقه الله رضا الخواطر الشريفة، وأسبل عليه حلّة عفوه المنيفة على الحلل بظلالها الكثيفة، فإنه قد طالت مدّة حبسه، واعترف بأنه الجاني على نفسه، والمعترف بذنبه كمن لا أذنب، والمغترف من بحر جوده يروى دون أن يشرب،