بودّه، مسكونا إلى عقده وعهده، يحمده عند الاختبار، ويعرف به صحّة رأيه عند الاختيار، والمملوك يرجو أن يصحّ ما سأله وكفله، إن شاء الله تعالى.
رقعة: وينهي أنّ من عمر الله تعالى بثنائه المحافل، وعطّر بأنبائه الفضائل، وأقام من مساعيه الكرام خطيبا يخطب بسودده وفضله، ويعرب عن شرف محتده «١» وأصله، تطلّعت الآمال للانتظام في سلك أحبّائه، وتشوّفت الهمم إلى الامتزاج بخلصائه وأوليائه، لما يضفو على المعتصم بعرى مصافاته من لباس جماله، ويحلّي المعتزي إلى ولائه من خلى جلاله، وأحقّ من أسعفه مولانا بالمودّة إذا خطبها، وأجابه إلى المصافاة إذا طلبها، من بدأه بالرّغبة، ومتّ إليه بالمحبّة، لا لمرغب ولا مرهب، واختاره لنفسه على علم بكماله، ومعرفة بشرف خلاله.
وما زال المملوك مذ أطلعه الله على ما خصّ به مولانا من المحاسن المتعذّرة إلّا لديه والفصائل الممتنعة إلّا عليه، يحوم على مسارع ممازجته ولا يردها، ويروم مواقع مواشجته ولا يعتمدها، إكبارا لقدره، وإعظاما لخطره، وخوفا من تصفّحه ونقده، وإبقاء على ماء وجهه من ردّه. والمملوك وإن كان عالما بأنّ كرم مولانا يرقع الخلل، وفضله يصدّق الأمل، فإنه لا يعدم مذ رغب في قرب مولانا ما لعلّه يجده فيه، مما يخالف مذهبه وينافيه، إذ كان لا يبلغ تضاهيه في التّمام وتوافيه، إلى أن أذن الله تعالى بأن أبلغ نفسه الأمنيّة، وأظهر ما طويت عليه الطّويّة، فكتب هذه الرّقعة وجعلها فيما رامه من الاعتلاق بحبل مودّته سفيرا، وعلى ما التمسه من الانضمام إلى جملته ظهيرا، وقدم بها عليه وظنّه يترجّح عن الإعراض إلى القبول، ثقة بقرب نيل المأمول، فإن رأى أن يجيبه إلى ما سأله، ويسرّه بتنويل ما اقترحه، فعل، إن شاء الله تعالى.