للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رقعة: وينهي أنّ مولانا بما تمّم الله من محاسنه ومناقبه، جدير أن يلقى من خطب الاعتصام بعرى ممازجته، وسعى في نيل علقه من مواشجته، بالقبول، القاضي بنيل المأمول، ودرك الرّغب والسّول، ولا سيّما إذا كان عارفا من سموّ خطره، واعتلاء قدره، ما يقضي عليه بخفض الجناح في معاشرته، وغضّ الطّرف في معاملته، والوقوف دون درجة المساواة والمماثلة، والتزحزح عن رتبة المباراة والمطاولة، والانتظام في سلك الأتباع والحاشية، والخدّام والغاشية، وكثيرا ما وجد المملوك البركة في مشاركة من هذه صفته أوفر منها في مشاركة النّظراء، وكانت العاقبة في مشابكة من هذه حاله أجمل منها في مشابكة الأكفاء، الذين يصادفون في الحقوق شططا، ولا يغضّون عن يسير الواجبات تبسّطا؛ لأنهم يرون أنّ الوصلة ممّن داناهم في الرّتبة والمنزلة ليست عائدة عليهم بشرف، ولا مظهرة لهم من خمول؛ ولأن يستخلص مثل سيّدي من الرّؤساء، مثل المملوك من الأولياء، ويختصّه بأثرة الاجتباء والاصطفاء، فيكون مفخره إليه منسوبا، وما يرقّيه الله تعالى إليه ببركته من درج الفضل في نفسه محسوبا، أولى من طلب مماثل يناويء بقدره ويطاول. على أنه لو طلب ذلك لطلب معوزا، ورام معجزا؛ لما أفرده الله تعالى به من السّيادة الّتي لا يترامى إلى منزلتها، ولا يتسامى إلى مطاولتها، وإذا كان النظير معدوما، والكفؤ مفقودا، ولو وجد لمال متسلّطا، ووقع سومه «١» منبسطا، ومولانا يطلب إليه ولا يطلب، ويرغب فيما عنده ولا يرغب، فقد سهلت السبيل إلى ما يرومه المملوك من جهته، ويؤثره من مواصلته، واتّسع المجال فيما يقدم عليه من الرّغبة في تقليده شرف مصاهرته، وإضافته بذلك إلى بطانته وأهل خاصّته، ويخرجه على ما يخرج عليه الوالد ولده، والسيّد عبده، وقد حمّل المملوك موصّل مطالعته هذه ما لم تسع إيداعه

<<  <  ج: ص:  >  >>