قال أبو عبيدة: كانت العرب تعدّ البيوتات المشهورة بعظم القدر والشرف: تعدّ بيت هاشم بن عبد مناف، وتعدّ أربعة، أوّلها بيت آل حذيفة ابن بدر، وبيت آل زرارة الدارمييّن: بيت بني تميم، وبيت آل ذي الجدّين:
عبد الله بن عمرو بن الحارث بن هشام: بيت بني شيبان، وبيت بني الدّيّان من بني الحارث بن كعب بيت اليمن. قال: فأما كندة فلا يعدّون في البيوتات إنما كانوا ملوكا.
واعلم أن المفاخرة قد تكون بحقيقة الحسب. وقد تقوم فيها الفصاحة واللّسن مقام الحسب: كقول أبي تمام الطائي يفتخر:
أنا ابن الذّين استرضع المجد فيهم ... وسمّي فيهم وهو كهل ويافع
مضوا وكأن المكرمات لديهم ... لكثرة ما وصّوا بهنّ شرائع
فأيّ يد في المجد مدّت فلم يكن ... لها راحة من مجدهم وأصابع
هم استودعوا المعروف محفوظ مالنا ... فضاع وما ضاعت لدينا الودائع
وقوله أيضا:
جرى حاتم في حلبة منه لو جرى ... بها القطر شأوا قيل أيّهما القطر؟
فتى ذخر الدّنيا أناس ولم يزل ... لها باذلا فانظر لمن بقي الذّخر
فمن شاء فليفخر بما شاء من ندى ... فليس لحيّ غيرنا ذلك الفخر
جمعنا العلا بالجود بعد افتراقها ... إلينا كما الأيام يجمعها الشّهر
قال في شرح اللامية: وعند أكثر الناس أن أبا تمام كان أبوه نصرانيا يقال له تدرس العطار، من جاسم: قرية من قرى حوران من الشام، فغير اسم أبيه واندس في بني طيىء؛ وذكر صاحب الأغاني أن رجلا قال لجرير: من أشعر الناس؟ قال: قم حتّى أعرفك الجواب، فأخذ بيده وجاء به إلى أبيه عطية، وقد أخذ عنزا له فاعتقلها وجعل يمصّ ضرعها، فصاح به اخرج يا أبت، فخرج شيخ دميم، رثّ الهيئة. وقد سال لبن العنز على لحيته، فقال ترى هذا؟ قال نعم. قال أو تعرفه؟ قال لا. قال هذا أبي، أو تدري لم كان