فيرجّيه، ولا يفقده فيرغب فيه، والذي تربّه من المملوك جوارحه، وتحويه جوانحه، علمه بأنه لا يجاري أياديه، ولا يجازي مساعيه، والله تعالى يخصّه من الفضائل، بمثل ما تبرّع به من الفواضل.
رقعة: ومثل مولانا من [ذوي الشّرف «١» ] والسّودد من حسن محضره، وطاب محبره، وكرم غيبه ومشهده، وصحّ على تغاير الأحوال عقده وودّه، وقد اتّصل بالمملوك ما أعاره له مولانا من أوصافه، وجرى فيه على عادة فضله وإنصافه، فطفق لفضله شاكرا، ولطوله ناشرا، وأضاف ذلك إلى توالد إحسانه، ونظمه في عقد امتنانه.
رقعة: قد طوّق مولانا [مملوكه] من فضله طوقا كأطواق الحمائم لا ينزع، وألبسه بردا من برّه لا يخلع، وأولاه من مزيده ما قصّرت الهمّة عن تمنّيه، ولم تهتد القريحة إليه فتستدعيه، ولو وجد المملوك جزاء على عارفته، وكفاء لمثوبته، غير الموالاة الصّريحة، وعقد الضمائر على المودّة الصحيحة، واللهج بالشّكر، في السّر والجهر، لرمى من وراء عنايته، ولا استبعد طول شقّته، ولكن المملوك عادم لما يقابل به يده الغرّاء، عاجز عمّا يقضي به حقّ موهبته الزّهراء، ما لم يحسن كرمه أمره، ويقبل منه على التقصير شكره، ويضف ذلك إلى لطائفه، وينظمه في سلك عوارفه، إن شاء الله تعالى.
رقعة: واجتهاد المملوك في نشر أياديه وشكرها، كاجتهاد مولانا في كتمانها وسترها، فكلّما أبديتها بالثّناء أخفاها، أو نشرتها بالإشادة طواها، وهيهات أن يخفى عرف كعرف المسك نشرا، ومنّ كالروضة نورا والغزالة نورا، ولو كان المملوك والعياذ بالله ستر هذا العرف بكفر، واغتمصه مانعا لشكر، لنمّ عليه حسنه نموم الصّباح، وتوقّد توقّد المصباح، فكيف وللمملوك مقول لا يسامى [يعجم سواد]«٢» الليالي بالإحماد، ويرقم صفحات النهار بالاعتداد؟