أنّ المملوك على منعه لم يقصّر في بلوغ أوطاره، والسّعي في إيثاره، إن شاء الله تعالى.
رقعة في المعنى: ما ردّ المملوك برّ مولانا مستنزرا لقليله، ولا لائما لنفسه على تأميله، لكنّه انتجعه انتجاع من ظنّه عارفا بقدره، راغبا في شكره، فلو أغضى المملوك منه على الاطّراح لأمره، لاستدلّ منه على قصر الهمّة، وظنّ أنه قوّمه بدون القيمة، ولا سيّما وهو يفرض لمن لا يجاري المملوك في مضمار، ولا يساويه في مقدار، من غير قصد بتأميل ورجاء، وتقديم ذريعة من تقريظ وثناء، ما تضيق عنه الهمم الفساح، ولا يصل إليه الاقتراح.
رقعة عتاب، على تقصير في خطاب:
حوشي مولاي أن يجرّ الذّيل على آثار فضله، ويميت من غروس إحسانه ما هو جدير أن يتعهّده بوبله، ويعفّي منّي رسوم كرمه، ويصدع بمجانبة الإنصاف صفاة صفاته وصفائه، وينطق الألسن بعتابه، ويصلت سيف التأنيب من قرابه، بما استحسنه من مستقبح المصارمة في المخاطبة، واستوطاه من جامح التّرييث في المكاتبه، ولا سيّما وهو يعلم أنّ موقع الإكرام من الكرام، ألطف من موقع الإنعام، وأن محلّ القال، أفضل من محلّ النّوال، وأنّ تغيّر العادة في البرّ، مقوّض لمعاهد الشّكر، ونسيح (؟) السنة في الإنصاف، قاض بالانصراف بعد الانعطاف، وقد كان المملوك أزمع أن يتحمّل تقصيره به، وأن يفلّ من غربه، غير مطاوع للحميّة، ولا منقاد لنفس العصبية، ولا يقرع سمعه بعتاب، ولا يورد عليه ممضّ خطاب. ثم رأى المملوك أن يرشده إلى الأزين، ويبعثه على اعتماد الأحسن، ويحضّه على مراجعة الأفضل، ومعاودة الأجمل، ليتحفّظ مع سواه، ولا يجري مجراه، فليس كلّ أحد يتحمّله، ويرضى رضى المملوك بما يفعله، فمولانا حبّب الله إليه الرّشد «١» ، ووفّقه إلى المنهج الأسد،